ومع ما ذكرناه مما حل بكتب الشيعة من حريق وتلف وتدمير، فقد شذت مجموعة نادرة منها، وبقيت عدة من تلك الكتب بهيآتها إلى أوائل القرن الثامن، ومنها عدد كثير من كتب الأدعية، فقد حصلت جملة وافية للسيد جمال السالكين رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن محمد الطاووسي الحسيني الحلي المتوفى سنة 664 ه، كما يظهر ذلك من النقل عنها في أثناء تصانيفه، فقد ذكر في الفصل الثاني والأربعين بعد المائة من كتابه (كشف المحجة) الذي الفه سنة 649 ه بعد ترغيب ولده إلى تعلم العلوم ما لفظه: (هي الله جل جلاله لك علي يدي كتبا كثيرة - إلى قوله بعد ذكر كتب التفسير -: وهيء الله جل جلاله عندي عدة مجلدات في الدعوات أكثر من ستين مجلدا).
وبعد هذه السنة حصلت عنده عدة كتب أخرى، فقال في آخر كتابه (مهج الدعوات) الذي فرغ منه يوم الجمعة 7 جمادى الأولى سنة 662 ه يعني قبل وفاته بسنتين تقريبا: (فان في خزانة كتبنا هذه الأوقات أكثر من سبعين مجلدا في الدعوات).
أقول: وأما سائر كتبه فقد جاء في (مجموعة الشهيد)، أنه جرى ملكه في سنة تأليفه (الاقبال) - وهي سنة 650 ه - على ألف وخمس مائة كتاب. والله أعلم بما زيد عليها من هذا التاريخ إلى وفاته في سنة 664 ه وهذه النيف والسبعون مجلدا من كتب الدعوات التي عنده كلها كانت من كتب المتقدمين على الشيخ الطوسي - الذي توفى سنة 460 - لان الشيخ منتجب الدين بن بابويه القمي جمع تراجم المتأخرين عن الشيخ الطوسي إلى ما يقرب من مائة وخمسين سنة وذكر تصانيفهم، ولا نجد في تصانيفهم من كتب الدعاء إلا قليلا، وذلك لما ذكرناه من أن علماء الشيعة بعده إلى مائة سنة أو أكثر كانوا مكتفين بمؤلفاته ومتحاشين عن التأليف في قبالها، والحديث في هذا الباب طويل تكاد تضيق عن الإحاطة به هذه الصحائف، فلتمسك عنان القلم محيلين طالب التفصيل إلى مقالتين مبسوطتين كتبناهما في (الذريعة الأولى في ج 1 ص 125 - 135 والثانية في ج 8 ص 172 - 181 واليك الآن فهرس ما وصل الينا من مؤلفات شيخ الطائفة مرتبا على حروف الهجاء: