كتاب " النهاية " وترتيب أبوابه وفصوله، فكان كل واحد منهم يعارض الشيخ الفقيه أبا جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمة الله عليه في مسائل، ويذكر انه لا يخلو من خلل، ثم اتفق انهم خرجوا لزيارة المشهد المقدس بالغري على صاحبه السلام، وكان ذلك على عهد الشيخ الفقيه أبي جعفر الطوسي رحمه الله وقدس روحه، وكان يتخالج في صدورهم من ذلك ما يتخالج قبل ذلك، فأجمع رأيهم على ان يصوموا ثلاثا ويغتسلوا ليلة الجمعة، ويصلوا ويدعوا بحضرة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام على جوابه فلعله يتضح لهم ما اختلفوا فيه، فسنح لهم أمير المؤمنين عليه السلام في النوم، وقال:
لم يصنف مصنف في فقه آل محمد عليهم السلام كتابا أولى بأن يعتمد عليه ويتخذ قدوة ويرجع اليه، أولى من كتاب النهاية التي - كذا - تنازعتم فيه، وانما كان ذلك لان مصنفه اعتمد فيه على خلوص النية لله، والتقرب والزلفى لديه فلا ترتابوا في صحة ما ضمنه مصنفه، واعملوا به وأقيموا مسائله، فقد تعنى في تهذيبه وترتيبه والتحري بالمسائل الصحيحة بجميع أطرافها.
فلما قاموا من مضاجعهم أقبل كل واحد منهم على صاحبه، فقال: رأيت الليلة رؤيا تدل على صحة " النهاية " والاعتماد على مصنفها فاجمعوا على ان يكتب كل واحد منهم رؤياه على بياض قبل التلفظ، فتعارضت - كذا - الرؤيا لفظا ومعنى، وقاموا متفرقين مغتبطين بذلك فدخلوا على شيخهم أبي جعفر الطوسي قدس الله روحه، فحين وقعت عينه عليهم قال لهم: لم تسكنوا إلى ما كنت أوقفتكم عليه في كتاب (النهاية) حتى سمعتم من لفظ مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، فتعجبوا من قوله وسألوه عما استقبلهم به من ذلك، فقال: سنح لي أمير المؤمنين عليه السلام كما سنح لكم فأورد علي ما قاله لكم وحكى رؤياه على وجهها وبهذا الكتاب يفتي الشيعة فقهاء آل محمد عليهم السلام والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله الطاهرين انتهى.
انتهى ما في مستدرك شيخنا النوري.
وهذه القضية وحدها كافية للتدليل على إخلاص شيخ الطائفة وصدق