على الدهر أن يأتي لهم بمثيل، ولم تزل أيضا غرة ناصعة في جبين الدهر وناصية الزمن وكيف لا وقد جمعت معظم العلوم الاسلامية أصلية وفرعية، وتضمنت حل معضلات المباحث الفلسفية والكلامية التي لم تزل آراء العباقرة والنياقدة حائمة حولها، كما احتضنت كل ما يحتاج اليه علماء المسلمين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، وحسب الشيخ عظمة ان كتابيه (التهذيب) و (الاستبصار) من الأصول المسلمة في مدارك الفقه، ومن الكتب الأربعة التي عليها المدار - على مرور الاعصار - في استنباط أحكام الدين بعد كتاب الله المبين.
لم يكن خلود الشيخ في التاريخ وحصوله على هذه المرتبة الجليلة إلا نتيجة لإخلاصه وتبتله الواقعي، حيث لم يؤلف طلبا للشهرة أو حبا للرياسة أو استمالة لقلوب الناس وجلبا لهم، أو مباهاة لعالم من معاصريه، أو رغبة في التفوق أو غير ذلك من المقاصد الدنيئة والمآرب الدنيوية التي ابتلي بها الكثير من معاصرينا - للأسف - حاشا وكلا بل لم تخطر له على بال، وانما كان في ذلك كله قاصدا وجه الله تعالى شأنه، راغبا في حسن جزائه طالبا لجزيل ثوابه، حريصا على حماية الدين واحياء شريعة سيد المرسلين ومحو آثار المفسدين، ولذلك كان مؤيدا في أعماله مسددا في أقواله وافعاله، وقضية واحدة تدلنا على شدة اخلاص الشيخ نثبتها بنصها عبرة للمعتبرين.
قال شيخنا ومولانا الحجة خاتمة المحدثين الميرزا حسين النوري أعلى الله مقامه في " مستدرك الوسائل " ج 3 ص 506 ما لفظه:
وعثرت على نسخة قديمة من كتاب " النهاية " وفى ظهره بخط الكتاب، وفى موضع آخر بخط بعض العلماء ما لفظه: قال الشيخ الفقيه نجيب الدين أبو طالب الأسترآبادي رحمه الله: وجدت على كتاب " النهاية " ب (خزانة مدرسة الري) قال: حدثنا جماعة من أصحابنا الثقات ان المشايخ الفقهاء الحسين بن المظفر الحمداني القزويني، وعبد الجبار بن علي المقرئ الرازي، والحسن بن الحسين بن بابويه المدعو ب (حسكا) المتوطن بالري رحمهم الله كانوا يتحاثون ببغداد ويتذاكرون