كلفه قوى (1) فلا لزم على تكليفه تعالى من التصرف فيها.
والذي منعه عليه السلام من أن يقوم مقاما " يذكرهم فيه حقه هو ما ذكرنا بعضه وأشرنا إلى جميعه، فكيف يطمع في رجوع القوم بالتذكير والتبصير، وهو عليه السلام قد شاهدهم خالفوا الرسول جهارا " وعيانا "، وعدلوا عمن نص عليه وأصر بالإمامة إليه.
هذا مع قرب العهد الذي لا يقع في مثله نسيان ممن (2) لم يطع ربه تعالى وخالف نبيه صلى الله عليه وآله، كيف يطمع طامع في إجابته ويرجو رجوعه وطاعته على نفسه طاعته. وإنما أظهر بحكم الضرورة أنه قد رضي بأن كف عن المنازعة والمجاذبة بعد أن كان أظهر السخط والكراهية هو وجماعة بني هاشم وجماعة من المهاجرين والأنصار، وتأخروا عن البيعة، وجرت في ذلك من المراسلات والمراجعات والمعاتبات والتهويلات والتهديدات ما هو مسطور في كتب العامة فضلا عن الخاصة، فأوجبت الحال الكف عن اظهار المنازعة والامساك عن المخالفة، حتى لا ينتشر الحبل ويتفرق الشمل.
فإن كان المخالف يدعي غير هذا الذي ذكرناه، فهو دعوى عارية من برهان ما ذكرناه، فلا حجة في القدر المعروف، لأن اظهار الرضا عند الأسباب التي جرت لا يدل على رضاء القلوب وتسليم الصدور.
وأما الترجيح علينا بأننا نسلم البيعة الظاهرة، وندعي أمورا " باطنة من الاكراه والسخط.