وأما قس بن ساعدة الأيادي، فهو الذي يقول في بعض مواعظه: كلا ورب هذه الكعبة ليعودن من مات، ولئن ذهب ليعودن يوما ". وأيضا " في بعض مواعظه:
كلا بل هو الله إله واحد، ليس بمولود ولا والد، أعاد وأبدى وإليه المآب غدا ". فأقر في هذا الكلام بالإله الواحد، وأثبت الابداء والإعادة.
وقد دل على ذلك أيضا " بأبيات قالها وهي:
يا ناعي الموت والأموات في جدث عليهم من بقايا بزهم خرق دعهم فإن لهم يوما " يصاح بهم كما ينبه من رقداته الصعق حتى يجيبوا بحال غير حالهم خلق مضوا ثم ماذا بعد ذاك لقوا منهم عراة وموتى في ثيابهم منها الجديد ومنها الأورق الخلق وأما عامر بن الظرب العدواني، فإنه كان من حكماء العرب وخطبائهم، وله الوصية الطويلة يقول في آخرها: إني ما رأيت شيئا " قط خلق نفسه ولا رأيت موضوعا " إلا مصنوعا " ولا جائيا " إلا ذاهبا "، ولو كان يميت الناس الداء لأعاشهم الدواء.
ثم قال: أرى أمورا " شتى وشئ حي، قيل له: وما حي؟ قال: حتى يرجع الميت حيا "، ويعود لا شئ شيئا "، وكذلك خلقت السماء والأرض، فتولوا عنه ذاهبين، فقال: ويل أمها نصيحة لو كان من يقبلها لقلتها.
ومن هؤلاء زهير بن أبي سلمى، وكان يميز بالعصا وقد أورقت بعد يئس، فيقول: لولا أن تسبني العرب لأنت الذي أحياك سيحيي العظام وهي رميم، ثم آمن بعد ذلك، وقال في قصيدته التي أولها:
أمن أم أوفى ذمته لم يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ليوم الحساب أو يعجل فينتقم