رسالته " زغل العلم " ومنها كتابه " سير أعلام النبلاء " ومنها الرسالة المشهورة الثابتة في نصيحته لابن تيمية المسماة: " بالنصيحة الذهبية "، ورجع عما كان يعتقده سابقا فتجده في " سير أعلام النبلاء " يفوض أحيانا ويؤول أحيانا أخرى ويقول: إن الدعاء يستجاب عند قبور الصالحين في عدة مواضع منها عند ترجمة السيدة نفيسة رحمها الله تعالى وينزه الله عن الحد في ترجمة " ابن حبان " ويزيد على ما قاله في " الميزان " من أن نفي الحد وإثباته من فضول الكلام فيقول متراجعا زائدا: " وتعالى الله أن يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد (1) بلا مثل ولا كيف (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) (2) " ا ه.
فرجوع الذهبي عن عقيدة الشيخ الحراني المخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة وتركه لترهات الحراني وتعدل مزاجه وطبعه وعلو منزلته هو الواقع وهو الذي ندعيه ونستطيع أن نبرهن عليه، فالحمد لله الذي من على الحافظ الذهبي بذلك، فنحن لا نرضى كل ما يقول لأنه قال سابقا ما رجع عنه لاحقا ونورد كلامه وأقواله في " سير أعلام النبلاء " لأنها آخر كلامه واختياره الأخير ورجوعه للحق، وخصوصا بعد تأملي في " سير أعلام النبلاء " ومطالعتي له كاملا، ولا سيما أن الجزء الأخير منه الذي لم يطبع ويقال إنه مفقود فيه ذم الشيخ الحراني كما نتوقع وكما يفيده كلام ابن الوزير المنحرف المجسم الذي ينقل عنه، فتدبروا ذلك وتأملوا فهذا الذي نعتقده هنا.