دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه - أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي - الصفحة ٢٤٥
قال ابن حامد (المجسم): يجب الإيمان بما ورد من المماسة والقرب من الحق لنبيه في إقعاده على العرش. قال: وقال ابن عمر:
(وإن له عندنا لزلفى) ص: 40. قال: ذكر الله الدنو منه حتى يمس بعضه (183).
قلت: وهذا كذب على ابن عمر ومن ذكر تبعيض الذات كفر بالإجماع (184).

(183) رواه الخلال في " سنته " ص (263) عن عبيد بن عمير قال: (وإن له عندنا لزلفى) قال: ذكر الدنو حتى يمس بعضه.
وأعجبني محقق الكتاب حيث قال: " إسناده صحيح، ومع صحة إسناده فإنه لا يجوز أن يعتقد بما دلت عليه، لأنها تخالف الأحاديث في تنزيه الخالق، وليس لها شاهد صحيح مرفوع ولا من أقوال الصحابة الكرام ".
قلت: فلما لم يكن لها ما يشهد لها - أعني هذه العبارة - دل على أن هذا السند الصحيح ظاهرا موضوع حقيقة والله المستعان، ومن قال بمثل هذه العقيدة من السلف أو من الخلف فإنه يسقط ولا يعتد به، ولينتبه كل مسلم إلى أن الفرق الضالة جميعها نشأت في قرون السلف فلا تغترن بكلمة سلف البتة.
(184) ومن هذا الكلام تعرف أنه لا يجوز أن نتهاون مع المجسمة فالمجسمة كفار بلا مثنوية، والمجسم يعبد صنما، وقد جزم بذلك الإمام الحافظ النووي رحمه الله تعالى فإنه قال في باب صفات الأئمة من المجموع (4 / 253):
" فممن يكفر من يجسم تجسيما صريحا " ا ه‍ فيدخل في ذلك الحراني بتشديد الراء وتقديم المهملة!! الذي يقول في غير ما كتاب من كتبه بالجسمية، ومن ذلك قوله في " تأسيسه " (1 / 101):
" وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها أنه ليس بجسم وأن صفاته ليست أجساما ولا أعراضا! فنفي المعاني الثابتة بالشرع والعقل بنفي ألفاظ لم ينف معناها شرع ولا عقل، جهل وضلال " ا ه‍ قلت: بل قولك هذا والذي فطر السماوات والأرض جهل وضلال، أليس قول الله تعالى (ليس كمثله شئ) كاف في نفي معنى التجسيم وحقيقته عن خالق الأجسام أيها الحراني؟!!
وأما أئمة الأمة وسلفها أيها الحراني فقد ذموا التشبيه فهذا الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى السلفي المتوفى سنة (150) ه‍ يقول كما في " سير أعلام النبلاء " (7 / 202):
" أتانا من المشرق رأيان خبيثان: جهم معطل، ومقاتل مشبه " ا ه‍.
فتأمل وتدبر!!
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 235 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست