وأفقر ظهرها أو حمل على ظهرها، ومنح غزيرتها ونحر سمينها، وأطعم القانع والمعتر " فقلت: يا رسول الله ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها أما إنه ليس يحل بالوادي الذي أنا به أحد من كثرة إبلي، قال: " يصنع بالمنحة " قلت: تغدو الإبل ويغدو الناس فمن شاء أخذ برأس بعير فذهب به، فقال: " يا قيس أمالك أحب إليك أم مال مولاك؟ " قلت: لا، بل مالي. قال: " فإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت، وما بقي فلورثتك " قلت: يا رسول الله لئن بقيت لأدعن عدتها قليلا. قال الحسن: ففعل رحمه الله، فلما حضرته الوفاة دعا بنيه فقال: يا بني خذوا عني فإنه لا أحد أنصح لكم مني إذا أنا مت فسودوا أكبركم ولا تسودوا أصغركم فيستسفه الناس كباركم، وعليكم بإصلاح المال فإنه منبهة للكريم ويستغنى به عن اللئيم، وإياكم والمسألة فإنها آخر كسب المرء ولم يسأل أحد إلا ترك كسبه، وكفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها وأصوم، وإياكم والنياحة فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها، وادفنوني في مكان لا يعلم بي أحد فإنه كانت بيننا وبين بكر بن وائل خماشات في الجاهلية فأخاف أن يدخلوها في الإسلام فيفسدوا عليكم دينكم. قال الحسن - رحمه الله -: نصحهم في الحياة والممات.
قلت: روى النسائي منه النهي عن النياحة.