أن عمر بن الخطاب جمع الناس لقدوم الوفد، فقال لابنه عبيد الله - أو عبد الله - ابن الأرقم: أنظر أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فأذن لهم أول الناس، ثم القوم الذين يلونهم، قال: فدخلوا عليه فصفوا قدامه، فإذا رجل ضخم عليه مقطعة برود فأومأ إليه، فقال عمر: إيه - ثلاث مرار، فقال الرجل: إيه - ثلاث مرار، فقال له عمر:
قم، فقام إلى مجلسه، قال: ثم نظر فإذا الأشعري خفيف الجسم قصير سبط، قال:
فأومأ إليه فأتاه، فقال له عمر: إيه، فقال له الأشعري: يا أمير المؤمنين سلنا أو أفلح، حدثنا فلنحدثك، قال عمر: أف، قال: فنظر فإذا رجل أبيض خفيف الجسم، فأومأ إليه فأتاه، فقال له عمر: إيه، قال: فوثب فحمد الله وأثنى عليه ووعظ بالله ثم قال: إنك وليت هذه الأمة فاتق الله فيما وليت من أمر هذه الأمة ورعيتك وفي نفسك خاصة فإنك محاسب ومسؤول عن ما استرعيت وإنما أنت أمين وإنما عليك أن تؤدي ما عليك من الأمانة وتعطى أجرك على قدر عملك، قال: ما صدقني رجل منذ استخلفت غيرك، من أنت؟ قال: أنا الربيع بن زياد، قال: أخو المهاجر بن زياد، قال: فجهز عمر جيشا واستعمل عليهم الأشعري، ثم قال: انظر ربيع بن زياد فإنه إن كان صادقا فيما يقول فإن عنده عونا على هذا الأمر فاستعمله، ثم لا يأتين عليك عشر إلا تعاهدت فيهن عمله، واكتب إلي سيرته في عمله حتى كأني أنا الذي استعملته، ثم قال عمر: عهد إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن أخوف ما أخاف عليكم منافق عليم اللسان ".