كأنه إشارة إلى بيان المستثنى الذي أشار إليه بقوله " إلا ما يتلى (1) " فمن المحرمات المتلوة الميتة والظاهر أنها كل حيوان فارقته الروح من غير تذكية شرعية، ولو باخراج المسلم السمك من الماء حيا وأخذ الجراد كذلك ويحتمل أن يكون المراد كل حيوان مأكول اللحم حين حياته، وفارقته الروح من غير تذكية شرعية فيكون التحريم من جهة الموت الخاصة كما هو ظاهر سوق الآية، وظاهر لفظ الميتة مشعر بأن ما لم تحل فيه الحياة منها لا يكون حراما ولهذا استثناه الأصحاب مؤيدا بالإجماع على الظاهر والأخبار ويمكن أن يقال:
المتبادر من تحريم الميتة تحريم أكلها كما في الدم ولحم الخنزير، وإن ثبت تحريم جميع انتفاعاتها فيكون بغيرها ويحتمل فهمه أيضا ولهذا قالوا يحرم جميع الانتفاعات بالميتة لأن العين ما تحرم، وتقدير الأعم أولى، لئلا يلزم الاجمال والترجيح بلا مرجح، إذ لا قرينة على الخصوص فافهم وحينئذ يدل على عدم جواز لبس جلد الميتة في الصلاة وغيرها، دبغت أم لا، كما يدل عليه الأخبار بل إجماع الأصحاب، ولا دلالة في الآية على نجاسة الميتة فتأمل، وسوف يأتي البحث في تتمة الآية في كتاب الأطعمة إنشاء الله تعالى.
الرابعة والخامسة: والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون (2)، الآية.
عد الله تعالى نعما منها خلق الأنعام للإنسان، المشتملة على الدفء و هو ما يدفأ به من الأكسية والملابس المأخوذة من شعرها وصوفها ووبرها، ومنافع أخرى لهم مثل الركوب واللبن والحرث، وأكل لحومها وغيرها ثم عد نعما أخر بقوله " والله جعل لكم من بيوتكم " أي جعل من البيوت المأخوذة من الحجر والمدر وغيرهما " سكنا " أي ما تسكن النفس إليه، وتطمئن إليه من مسكن و