يبعد عدم الانعقاد، وإن لم يكن النهي مطلقا دالا على الفساد، ليتم المطلوب و الترغيب إلى الصلاة، ولأن ما يدل على انعقاده هو إباحته، فمع رفعها لا ينعقد مؤيدا بأصل عدم انتقال المال إلا بديل، وليس بظاهر كون العقد الحرام الذي لا يرضى الله به دليلا موجبا لذلك فتأمل.
وبالجملة انتقال مال البايع إلى المشتري وبالعكس الذي الأصل عدمه يحتاج إلى الدليل، ومجرد البيع الذي هو حرام وخلاف ما يرضى الله به غير ظاهر في ذلك، مع أنه قد يدعى ظهور عدم الانعقاد من النهي، كما ادعى بعض الأصوليين فتأمل.
" ذلكم خير لكم " أي السعي إليها وترك البيع خير لكم، إن كنتم من أهل العلم والعرفان، أو إن كنتم تعلمون الخير والشر، تعلمون أن ذلك خير بالنسبة إليكم من عدمها وما يتبعه.
ثم أباح الله بعد أداء الصلاة الانتشار وطلب الرزق به من فضل الله ورحمته و لطفه، إشارة إلى أن التاجر والكاسب للرزق، لا ينبغي أن يعتمد على كسبه وتجارته بل إنما يطلب من فضل الله عليه ورحمته، ويجعل الكسب والتجارة وسيلة وسببا لذلك وبسبب ترغيبه، فالأمر هنا بعد التحريم للإباحة، وإن كان في الأصل للوجوب، للإجماع على عدم وجوب ذلك، ويحتمل الوجوب في بعض الأحيان مثل الكسب للنفقة الواجبة.
ثم أشار في الآية الثالثة إلى ذم المسلمين، وظاهر أنهم الذين كانوا معه صلى الله عليه وآله بأنهم إذا رأوا أو علموا تجارة أو لم يعلموا بل ظنوا بسبب سماع صوت دال عليهما في الجملة وهو المراد باللهو - قيل كان للتجار الذين يجيؤن بالتجارة إلى المدينة طبل يضربونه بعد الوصول، لأخبار الناس، - ذهبوا إلى التجارة الموهومة القليلة الفائدة الفانية، وتركوا تجارة باقية عظيمة، وهي الصلاة معك، تركا مستلزما للعقاب بترك واجب عظيم، وقطعه المحرم، ولمفارقته صلى الله عليه وآله في الدنيا، فإنه روي