الله عليه وآله وبما لا تسطيع له إنكارا ولا منه فرارا.
فقال معاوية: يا ابن عباس، لقد أعطيت لسانا ذلقا تكاد تغلب بباطلك حق سواك. فقال ابن عباس: مه! فإن الباطل لا يغلب الحق، ودع عنك الحسد، فلبئس الشعار الحسد.
فقال معاوية: صدقت، أما والله إني لأحبك لخصال أربع، مع مغفرتي لك خصالا أربع. فأما ما أحبك: فلقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله وأما الثانية فإنك رجل من أسرتي وأهل بيتي ومن مصاص عبد مناف، وأما الثالثة فإن أبي كان خلا لأبيك، وأما الرابعة فإنك لسان قريش وزعيمها وفقيهها. وأما الأربع التي غفرت لك: فعدوك علي بصفين فيمن عدا، وإساءتك في خذلان عثمان فيمن أساء، وسعيك على عائشة أم المؤمنين فيمن سعى، ونفيك عني زيادا فيمن نفى. فضربت أنف هذا الأمر وعينه حتى استخرجت عذرك من كتاب الله عز وجل وقول الشعراء. أما ما وافق كتاب الله عز وجل، فقوله: " خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " وأما ما قالت الشعراء فقول أخي بني دينار:
ولست بمستبق أخا لا تلمه * على شعث أي الرجال المهذب فاعلم أني قد قبلت فيك الأربع الأولى، وغفرت لك الأربع الأخرى، وكنت في ذلك كما قال الأول:
سأقبل ممن قد أحب جميله * وأغفر ما قد كان من غير ذلكا ثم أنصت. فتكلم ابن عباس، فقال بعد حمد الله والثناء عليه:
وأما ما ذكرت أنك تحبني لقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله فذلك الواجب عليك وعلى كل مسلم آمن بالله وبرسوله، لأنه الأجر الذي سألكم رسول الله صلى الله عليه وآله على ما آتاكم به من الضياء والبرهان المبين، فقال عز وجل: " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " فمن لم يجب