طرقت في ساعة لا يطرق فيها الطير في وكره، فأرعت قلبي وريع صبياني وأفزعت عشيرتي، وتركت بعضهم يموج في بعض، يراجعون القول ويديرون الكلام خشية منك وشفقة علي.
فقال لها: ليسكن روعك ولتطب نفسك فإن الأمر على خلاف ما ظننت، إني احتجمت فأعقبني ذلك أرقا، فأرسلت إليك تخبريني عن قومك.
قالت: عن أي قومي تسألني؟ قال: عن بني تميم.
قالت: يا أمير المؤمنين، هم أكثر الناس عددا وأوسعه بلدا وأبعده أمدا، هم الذهب الأحمر والحسب الأفخر، قال: صدقت فنزليهم لي.
قالت: يا أمير المؤمنين، أما بنو عمرو بن تميم: فأصحاب بأس ونجدة وتحاشد وشدة، لا يتخاذلون عند اللقاء ولا يطمع فيهم الأعداء، سلمهم فيهم وسيفهم على عدوهم، قال: صدقت، ونعم القوم لأنفسهم.
قالت: وأما بنو سعد بن زيد مناه: ففي العدد الأكثرون وفي النسب الأطيبون، يضرون إن غضبوا ويدركون إن طلبوا، أصحاب سيوف وجحف ونزال وزلف، على أن بأسهم فيهم وسيفهم عليهم.
وأما حنظلة: فالبيت الرفيع والحسب البديع والعز المنيع، المكرمون للجار والطالبون بالثار والناقضون للأوتار. قال: إن حنظلة شجرة تفرع، قالت:
صدقت يا أمير المؤمنين.
وأما البراجم: فأصابع مجتمعة وكف ممتنعة. وأما طهية: فقوم هوج وقرن لجوج. وأما بنو ربيعة: فصخرة صماء وحية رقشاء، يغزون غيرهم ويفخرون بقومهم. وأما بنو يربوع: ففرسان الرماح وأسود الصباح، يعتنقون الأقران ويقتلون الفرسان. وأما بنو مالك: فجمع غير مفلول وعز غير مجهول، ليوث هرارة وخيول كرارة. وأما بنو دارم: فكرم لا يداني وشرف لا يسامى وعز لا يوازى.