(142) الأحنف ومعاوية روي أن معاوية ابن أبي سفيان بينما هو جالس وعنده وجوه الناس، إذ دخل رجل من أهل الشام، فقام خطيبا، فكان آخر كلامه أن لعن عليا.
فأطرق الناس وتكلم الأحنف، فقال:
يا أمير المؤمنين، إن هذا القائل ما قال آنفا لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين للعنهم، فاتق الله، ودع عنك عليا، فقد لقى ربه وأفرد في قبره وخلا بعمله، وكان والله! [ما علمنا] المبرز بسبقه (بسبعة خ ل) الطاهر خلقه، الميمون نقيبته، والعظيم مصيبته.
فقال له معاوية: يا أحنف، لقد أغضيت العين على القذى وقلت بغير ما ترى، وأيم الله لتصعدن المنبر فلتلعننه طوعا أو كرها. فقال له الأحنف:
يا أمير المؤمنين، إن تعفني فهو خير لك وإن تجبرني على ذلك فوالله لا تجري به شفتاي أبدا!
قال: فاصعد المنبر. قال الأحنف: أما والله، مع ذلك لأنصفنك في القول والفعل.
قال: وما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتني؟ قال: أصعد المنبر فأحمد الله بما هو أهله وأصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم أقول: أيها الناس، إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليا! وإن عليا ومعاوية اختلفا واقتتلا وادعى كل واحد منهما أنه بغى على فئته، فإذا دعوت فأمنوا رحمكم الله! ثم أقول: اللهم العن أنت وملائكتك وأنبيائك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه، والعن فئة الباغية، اللهم العنهم لعنا كثيرا، أمنوا رحمكم الله!
يا معاوية، لا أزيد على هذا ولا أنقص منه حرفا ولو كان فيه ذهاب نفسي.