عبد الملك؟! قال: بلى وأي رجل عبد الملك، قلما كلمت من رجال قريش رجلا شبيها به، فقال: إذا لقيت عبد الملك فقد لقيتني. ثم إنه صار في كل مكان يصنع ما أمر به عبد الملك. فجاءهم من قبل المشرق، ثم أمهلهم ثلاثا، فلما مضت الثلاث قال: يا أهل المدينة ما تصنعون؟ أتسالمون أم تحاربون؟ قالوا: بل نحارب، فقال لهم: لا تفعلوا بل ادخلوا في الطاعة ونجعل حدنا وشوكتنا على أهل هذا الملحد الذي قد جمع إليه المراق والفساق من كل أوب، يعني ابن الزبير فقالوا له: يا أعداء الله لو أردتم أن يجوزوا إليه ما تركناكم، نحن ندعكم أن تأتوا بيت الله الحرام وتخيفوا أهله وتستحلوا حرمته لا والله لا نفعل! 1 قال المسعودي والدينوري واللفظ للأول: احتفر أهل المدينة خندق رسول الله (ص) الذي كان قد حفره يوم الأحزاب وشكوا المدينة بالحيطان وقال شاعرهم مخاطبا ليزيد:
ان بالخندق المكلل بالمجد * لضربا يبدي عن النشوات لست منا وليس خالك منا * يا مضيع الصلوات للشهوات فإذا ما قتلتنا فتنصر * واشرب الخمر واترك الجمعات 2 قال الذهبي: فكان ابن حنظلة يبيت تلك الليالي في المسجد، وما يزيد على أن يشرب يفطر على شربة سويق ويصوم الدهر، وما رؤي رافعا رأسه إلى السماء أحيانا، فلما قرب القوم خطب أصحابه وحرضهم على القتال وأمرهم بالصدق في اللقاء، وقال: اللهم انا بك واثقون. فصبح القوم المدينة، فقاتل أهل المدينة قتالا شديدا، فسمعوا التكبير خلفهم من المدينة وأقحم عليهم بنو حارثة وهم على الحرة فانهزم الناس و عبد الله بن حنظلة متساند إلى بعض بنيه يغط نوما فنبهه ابنه، فلما رأى ما جرى أمر أكبر بنيه فقاتل حتى قتل ثم لم يزل يقدمهم واحدا بعد واحد حتى اتى على آخرهم!
قال: وبقي ابن حنظلة يمشي بها مع عصابة من الناس أصحابه، فقال لمولى له:
احم ظهري حتى أصلي الظهر، فلما صلى، قال له مولاه: ما بقي أحد فعلام تقيم؟
ولواؤه قائم، ما حوله الا خمسة، فقال: ويحك إنما خرجنا على أن نموت، قال: وأهل المدينة كالنعام الشرود وأهل الشام يقتلون فيهم، فلما هزم الناس طرح الدرع وقاتلهم