عبيد الله بن عباس حتى نزل بإزاءه فلما كان من غد وجه معاوية بخيل إلى عبيد الله فيمن معه فضربهم حتى ردهم إلى معسكرهم، فلما كان الليل أرسل معاوية إلى عبيد الله بن عباس أن الحسن قد أرسلني في الصلح، وهو مسلم الأمر إلي فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا، وإلا دخلت وأنت تابع، ولك إن أجبتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم، أعجل لك في هذا الوقت نصفها، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر، فأقبل عبيد الله إليه ليلا فدخل عسكر معاوية، فوفى له بما وعده، وأصبح الناس ينتظرون عبيد الله أن يخرج حتى أصبحوا فطلبوه فلم يجدوه، فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة، ثم خطبهم فثبتهم وذكر عبيد الله فنال منه، ثم أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدو فأجابوه بالطاعة وقالوا له: انهض بنا إلى عدونا على اسم الله. فنزل فنهض بهم وخرج إليه بسر بن أرطاة فصاح إلى أهل العراق:
ويحكم هذا أميركم عندنا قد بايع، وإمامكم الحسن قد صالح، فعلام تقتلون أنفسكم؟
فقال لهم قيس بن سعد: اختاروا إحدى اثنتين: إما القتال مع غير إمام، وإما أن تبايعوا بيعة ضلال. فقالوا: بل نقاتل بلا إمام فخرجوا فضربوا أهل الشام حتى ردوهم إلى مصافهم، فكتب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه ويمنيه فكتب إليه قيس: لا والله لا تلقاني أبدا إلا بيني وبينك الرمح (شرح ابن أبي الحديد 4 ص 14) قال اليعقوبي في تاريخه 2 ص 191: إنه وجه الحسن عليه السلام بعبيد الله بن العباس في اثنى عشر ألفا لقتال معاوية ومعه قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، وأمر عبيد الله أن يعمل بأمر قيس ورأيه فسار إلى ناحية الجزيرة وأقبل معاوية لما انتهى إليه الخبر بقتل علي فسار إلى الموصل بعد قتل علي بثمانية عشر يوما، والتقى العسكران فوجه معاوية إلى قيس بن سعد: يبذل له ألف ألف درهم على أن يصير معه أو ينصرف عنه، فأرسل إليه بالمال وقال: تخدعني عن ديني؟
فيقال: إنه أرسل إلى عبيد الله بن عباس وجعل له ألف ألف درهم فصار إليه في ثمانية آلاف من أصحابه، وأقام قيس على محاربته، وكان معاوية يدس إلى عسكر الحسن من يتحدث: أن قيس بن سعد قد صالح معاوية وصار معه، ووجه إلى عسكر قيس من يتحدث : أن الحسن قد صالح معاوية وأجابه.