رجالا لم يغذهم التمر والطفيشل (1) يقولون: نحن الأنصار قد والله آووا ونصروا ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم.
فغضب النعمان فقال: يا معاوية؟ لا تلومن الأنصار بسرعتهم في الحرب فإنهم كذلك كانوا في الجاهلية، فأما دعاؤهم إلى النزال فقد رأيتهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وأما لقاؤك إياهم في أعدادهم من قريش فقد علمت ما لقيت قريش منهم فإن أحببت أن ترى فيهم مثل ذلك آنفا؟ فافعل، وأما التمر والطفيشل فإن التمر كان لنا فلما أن ذقتموه شاركتمونا فيه، وأما الطفيشل فكان لليهود فلما أكلناه غلبنا هم عليه كما غلب قريش على سخينة (2) ثم تكلم مسلمة بن مخلد (إلى أن قال):
وانتهى الكلام إلى الأنصار فجمع قيس بن سعد الأنصاري الأنصار ثم قام خطيبا فيهم فقال: إن معاوية قد قال ما بلغكم وأجاب عنكم صاحبكم، فلعمري لئن غظتم معاوية اليوم لقد غظتموه بالأمس، وإن وترتموه في الاسلام لقد وترتموه في الشرك، وما لكم إليه من ذنب أعظم من نصر هذا الدين الذي أنتم عليه، فجدوا اليوم جدا تنسونه به ما كان أمس، وجدوا غدا جدا تنسونه به ما كان اليوم، وأنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل، والقوم مع لواء أبي جهل والأحزاب، وأما التمر فإنا لم نغرسه ولكن غلبنا عليه من غرسه، وأما الطفيشل فلو كان طعامنا لسمينا به كما سميت: قريش السخينة. ثم قال قيس بن سعد في ذلك:
يا بن هند: دع التوثب في الحرب * إذا نحن في البلاد نأينا (3) نحن من قد رأيت فادن إذا * شئت بمن شئت في العجاج إلينا إن برزنا بالجمع نلقك في الجمع * وإن شئت محضة أسرينا فالقنا في اللفيف نلقك في الخزرج * تدعو في حربنا أبوينا أي هذين ما أردت فخذه؟ * ليس منا وليس منك الهوينا