المذهبي وأفعاله، ويضربون عنها صفحا إن كان هناك عمل غير صالح يسوئهم مهما وجدوه وراء صالح الأمة، وفي الخير له قدم، وصرح به الحق عن محضه، وصرح المحض عن الزبد، وصار الأمر عليه لزام (1) وكانوا يستغفرون له ربه في سوء صنعه، ويجلبون له عواطف الملأ الديني بمثل قولهم: لا يكبر على الله أن يغفر الذنوب لمحبنا ومادحنا، وقولهم أيعز على الله أن يغفر الذنوب لمحب علي، وإن محب علي لا تزل له قدم إلا تثبت له أخرى. (2) وفي تلك القدم الثابتة صلاح المجتمع، وعليها نموت ونحيى.
وهناك لأئمة الدين صلوات الله عليهم فكرة صالحة صرفت في هذه الناحية، وهي كدستور فيها تعاليم وإرشادات إلى منهاج الخدمة للمجتمع، وتنوير أفكار المثقفين وتوجيهها إلى طرق النشر والدعاية، ودروس في توطيد أسس المذهب، و كيفية احتلال روحيات البلاد وقلوب العباد، وبرنامج في صرف مال الله، وتلويح إلى أهم موارده.
تعرب عن هذه الفكرة المشكورة إيصاء الإمام الباقر ابنه الإمام الصادق عليه السلام بقوله: يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا النوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى (3) وفي تعيينه عليه السلام ظرف الندبة من الزمان والمكان لأنهما المجتمع الوحيد لزرافات المسلمين من أدنى البلاد وأقاصيها من كل فج عميق، وليس لهم مجتمع يضاهيه في الكثرة، دلالة واضحة على أن الغاية من ذلك إسماع الملأ الديني مآثر الفقيد " فقيد بيت الوحي " ومزاياه، حتى تنعطف عليه القلوب، وتحن إليه الأفئدة، ويكونوا على أمم من أمره، وبمقربة من اعتناق مذهبه، فيحدوهم ذلك بتكرار الندبة في كل سنة إلى الالتحاق به، والبخوع لحقه، والقول بإمامته، والتحلي بمكارم أخلاقه، والأخذ بتعالميه المنجية، وعلى هذا الأساس الديني القويم أسست المآتم والمواكب الحسينية، ليس إلا.
ونظرا إلى المغازي الكريمة المتوخاة من الشعر كان شعراء أهل البيت ممقوتين