اشتد غيظه فكتب إلى خالد يأمره أن يقطع يدي الكميت ورجليه ويضرب عنقه ويهدم داره ويصلبه على ترابها. فلما قرأ خالد الكتاب كره أن يستفسد عشيرته و أعلن الأمر رجاء أن يتخلص الكميت فقال. كتب إلي أمير المؤمنين وإني لأكره أن أستفسد عشيرته. وسماه فعرف عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد ما أراد فأخرج غلاما له مولدا ظريفا فأعطاه بغلة له شقراء فارهة من بغال الخليفة وقال: إن أنت وردت الكوفة فأنذرت الكميت لعله أن يتخلص من الحبس فأنت حر لوجه الله والبغلة لك ولك علي بعد ذلك إكرامك والاحسان إليك. فركب البغلة فسار بقية يومه وليلته من واسط إلى الكوفة فصبحها فدخل الحبس متنكرا فخبر الكميت بالقصة، فأرسل إلى امرأته وهي ابنة عمه يأمرها: أن تجيئه ومعها ثياب من لباسها وخفان. ففعلت فقال:
ألبسيني لبسة النساء. ففعلت، ثم قالت له: أقبل فأقبل وأدبر فأدبر فقالت: ما أدري إلا يبسا في منكبيك إذهب في حفظ الله. فمر بالسجان فظن أنه المرأة فلم يعرض له فنجا وأنشأ يقول:
خرجت خروج القدح قدح ابن مقبل * على الرغم من تلك النوايح والمشلي علي ثياب الغانيات وتحتها * عزيمة أمر أشبهت سلة النصل وورد كتاب خالد إلى والي الكوفة يأمره فيه بما كتب به إليه هشام، فأرسل إلى الكميت ليؤتى به من الحبس فينفذ فيه أمر خالد، فدنا من باب البيت فكلمتهم المرأة وخبرتهم: أنها في البيت، وإن الكميت قد خرج. فكتب بذلك إلى خالد فأجابه:
حرة كريمة أفدت ابن عمها بنفسها. وأمر بتخليتها فبلغ الخبر الأعور الكلبي بالشام فقال قصيدته التي يرمي فيها امرأة الكميت بأهل الحبس ويقول:
أسودينا واحمرينا.....
فهاج الكميت ذلك حتى قال:
ألا حييت عنا يا مدينا (وهي ثلاثمائة بيت) وقال في ص 114: إن خالد بن عبد الله القسري روى جارية حسناء قصايد الكميت (الهاشميات) وأعدها ليهديها إلى هشام وكتب إليه بأخبار الكميت وهجائه بني أمية وأنفذ إليه قصيدته التي يقول فيها: