الأول: إن حكاية القولين المذكورين عن الأصمعي في بيت لبيد لا ينافي الاستشهاد به على المطلوب المذكور، لأن أبا عبيدة قد أستشهد به على ذلك، وهو أفضل من الأصمعي بلا كلام وقد اعترف بذلك الأصمعي نفسه كما تقدم.
الثاني: إنه قد استشهد بهذا البيت - بالإضافة إلى أبي عبيدة - جماعة من كبار الأئمة كالزجاج والأخفش والرماني كما ذكر الرازي نفسه ذلك، كما أن ثعلب فسر (المولى) فيه ب (الأولى) كما صرح به الزوزوني في شرح المعلقات، ولا ريب في تقدم ما ذكره هؤلاء الأئمة على ما تفرد به الأصمعي.
الثالث: لقد علمت سابقا تفسير الجوهري والثعلبي وعمر القزويني والخفاجي وغيرهم (المولى) في هذا البيت ب (الأولى)، وقد نص بعضهم على أن الوجوه الأخرى المذكورة له لا تخلو من الضعف.
الرابع: أن نقول: إما أن القولين المحكيين عن الأصمعي ينافيان تفسير أبي عبيدة وإما لا، فإن كانا ينافيان تفسيره كان بين قولي الأصمعي تناف أيضا بخلاف تفسير أبي عبيدة والزجاج والأخفش والرماني وثعلب وغيرهم، إذ لم يحك عنهم في البيت ما ينافي هذا التفسير، وإن لم يكن بين القولين والتفسير تناف وتعارض ولا فيما بين القولين أنفسهما بل يمكن الجمع بين الجميع بنحو من الأنحاء كان ذكر القولين في مقابلة تفسير الأئمة عبثا.
الخامس: لقد قدح الرازي في كتابه (المحصول) - كما نقل عنه السيوطي - في الأصمعي، وأسقطه عن الاعتبار في نقل اللغة في الكتاب المذكور، وهذا نص كلامه: (وأيضا فالأصمعي كان منسوبا إلى الخلاعة ومشهورا بأنه كان يزيد في اللغة ما لم يكن منها).
وأما قول الرازي: (والكسر في المعتل اللام لم يسمع إلا في كلمة واحدة وهي مأوى) فكلام أجراه الحق على لسانه، لأنه يبطل ما تقدم منه من إنكاره