نعم إنه يريد أثبات أن (الولد على سر أبيه)، فقد أنكر أبوه من قبل مجئ (المولى) بمعنى (ولي الأمر)، بالرغم من أن الفخر الرازي وأتباعه لم يناقشوا في هذا المعنى قط، أما ولده (الدهلوي) فإنه - وإن لم ينكر مجيئه بهذا المعنى لكنه - نفى مجيئه بمعنى (الأولى)، وزعم أن ذلك مذهب جمهور أهل العربية، مع أن جمهورهم لم يخطئوا هذا القول أبدا، والمدعي مطالب بالدليل.
بل إن كثيرا من أساطينهم كالفراء، وأبي عبيدة، والأخفش، وأبي العباس ثعلب، والمبرد، والزجاج، وابن الأنباري، والسجستاني، والرماني، والجوهري والثعلبي، والواحدي، والأعلم الشنتمري، والزوزني، والبغوي، والزمخشري .. وغيرهم، ممن سمعت أسمائهم يوافقون أبا زيد في إثبات مجئ (المولى) بمعنى (الأولى)، ويقولون بقوله.. فإن كانت هذه الموافقة تخطئة فلا مشاحة في الاصلاح.
ومما يوضح شناعة هذه الأكذوبة أن الرازي - مع أنه رئيس المنكرين ومقتدي الجاحدين - لم يجترئ عليها، وإن أتباعه كالاصفهاني، والأيجي، والجرجاني، والبرزنجي، وابن حجر، والكابلي، لم يتفوهوا بها، مع كونهم في مقام الرد على حديث الغدير وإبطال الاستدلال به.
كما أن هذه الدعوى تثبت كذب الكابلي في نفي صحة نسبة هذا القول إلى أبي زيد، فإن صريح كلام (الدهلوي) هو دعوى إنكار جمهور أهل العربية على أبي زيد هذا القول، فيكون قول أبي زيد بذلك ثابتا لدى الجمهور.
ومن الغريب أن (الدهلوي) يحتج بقول أبي زيد اللغوي في باب المكائد من كتابه (التحفة)، لكنه هنا حيث يرى موافقة قول أبي زيد لمذهب أهل الحق يحاول إبطال هذا القول، ولو بالأكاذيب والافتراءات المتوالية المتكررة.