____________________
إنما الكلام في أنه تعالى إذا كان ظاهرا وأظهر من كل شئ، فكيف اختلف الناس فيه، واحتاجوا إلى إقامة البراهين على اثباته وعلى صفاته الكمالية والجلالية. وبعضهم نفاه وقال: ما يهلكنا إلا الدهر.
وتحقيق هذا المقام على ما أشار إليه الخبر وكلام أهل العرفان أنه تعالى إنما خفي من فرط ظهوره، كما ورد في الدعاء: خفيا من فرط الظهور.
وبيان ذلك: أنك لو نظرت إلى كلمة كتبها كاتب لاستدللت بها على كون الكاتب عالما قادرا سميعا بصيرا، واستفدت منها اليقين بوجود هذه الصفات، فلما (1) شهدت هذه الكلمة شهادة قاطعة على صفات الكاتب، فما من ذرة في السماوات والأرض الا وهي شاهدة على نفسها بالحاجة إلى مدبرها. ولما كثرت الشهادات حتى اتفقت خفيت وغمضت لشدة الظهور.
ومثاله: أن أظهر ما يدرك بحاسة البصر نور الشمس المشرق على الأجسام الذي به يظهر كل شئ لا يكون ظاهرا، وقد أشكل ذلك على خلق كثير حتى قالوا الأشياء المتلونة ليس فيها إلا ألوانها فقط من سواد وحمرة وغيرهما، فاما أن يكون فيها مع اللون ضوء مفارق للنور فلا وسوى هؤلاء إنما شبهوا على قيام النور بالمتلونات بالتفرقة التي يدركونها بين الظل وموضع النور، وبين الليل والنهار، فان الشمس لما تصور غيبتها بالليل واحتجابها بالأجسام المظلمة بالنهار انقطع أثرها عن المتلونات، فأدركت التفرقة بين النائر المضئ بها، وبين المظلم المحجوب عنها، فعرف وجود النور بعد النور إذا أضيف حالة الوجود إلى حالة العدم، فأدركت مع بقاء الألوان في الحالتين، ولو طبق نور الشمس كل الألوان الظاهرة لشخص ولم تغب الشمس حتى يدرك التفرقة، لتعذر عليه معرفة كون النور
وتحقيق هذا المقام على ما أشار إليه الخبر وكلام أهل العرفان أنه تعالى إنما خفي من فرط ظهوره، كما ورد في الدعاء: خفيا من فرط الظهور.
وبيان ذلك: أنك لو نظرت إلى كلمة كتبها كاتب لاستدللت بها على كون الكاتب عالما قادرا سميعا بصيرا، واستفدت منها اليقين بوجود هذه الصفات، فلما (1) شهدت هذه الكلمة شهادة قاطعة على صفات الكاتب، فما من ذرة في السماوات والأرض الا وهي شاهدة على نفسها بالحاجة إلى مدبرها. ولما كثرت الشهادات حتى اتفقت خفيت وغمضت لشدة الظهور.
ومثاله: أن أظهر ما يدرك بحاسة البصر نور الشمس المشرق على الأجسام الذي به يظهر كل شئ لا يكون ظاهرا، وقد أشكل ذلك على خلق كثير حتى قالوا الأشياء المتلونة ليس فيها إلا ألوانها فقط من سواد وحمرة وغيرهما، فاما أن يكون فيها مع اللون ضوء مفارق للنور فلا وسوى هؤلاء إنما شبهوا على قيام النور بالمتلونات بالتفرقة التي يدركونها بين الظل وموضع النور، وبين الليل والنهار، فان الشمس لما تصور غيبتها بالليل واحتجابها بالأجسام المظلمة بالنهار انقطع أثرها عن المتلونات، فأدركت التفرقة بين النائر المضئ بها، وبين المظلم المحجوب عنها، فعرف وجود النور بعد النور إذا أضيف حالة الوجود إلى حالة العدم، فأدركت مع بقاء الألوان في الحالتين، ولو طبق نور الشمس كل الألوان الظاهرة لشخص ولم تغب الشمس حتى يدرك التفرقة، لتعذر عليه معرفة كون النور