على ما ذكرت ليس من جهة النقص فيها، بل النقص إنما هو في المادة المفروضة، حيث أنه لاحظ لها من الشيئية والكون، ومن ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام في الاخبار الآتية في هذا الباب: والذي سألت لا يكون أي ليس داخلا تحت التكوين ليكون متعلقا للقدرة، لان من جملة شرائط التأثير قبول المادة الأثر الفاعل، ألا ترى أنه سبحانه غير قادر على إيجاد الشريك له لا لكونه عاجزا عن إيجاده بل لأنه محال في نفسه.
وثالثها: أن السؤال له ظاهر محال في نفسه كما عرفت، وله نحو من الأنحاء الممكنة، أعني: الادخال الظلي الانطباعي، وهذا ممكن، فمن ثم تعلقت القدرة به ووجد في الخارج.
ورابعها: أنه عليه السلام لما علم قصور السائل عن الفرق بين الادراكين وله طرف من العناد، فلو وقع الجواب ناصا على عدم القدرة، لربما زاد في اللجاج، فمن ثم أجمل عليه السلام في جوابه بما هو محتمل للامرين علما منه بأنه يفحم بهذا، ولذا لزمه باسمه كما سيأتي (1). وأما ما سيأتي في هذا الباب من سؤال إبليس لعيسى عليه السلام وسؤال من سأل أمير المؤمنين عليه السلام، فلما علما عليهما السلام بعلمهما وفهمهما وقع الجواب منهما صريحا في حقيقة السؤال سيما الشيطان، فإنه العالم الدقيق، ولا يرضى بالأجوبة الاقناعية.
وذكر أبو إسحاق الأسفرائيني أن إبليس جاء إلى إدريس عليه السلام في صورة إنسان، وهو يخيط ويقول في كل دخلة وخرجة: سبحان الله والحمد لله، فجاءه بقشرة، فقال: الله تعالى يقدر أن يجعل الدنيا في هذه القشرة، فقال: الله قادر أن يجعل الدنيا في سم هذه الإبرة، ونخس بالإبرة أحد عينيه، فصار أعور، قال: