إن كليم الله
موسى بن عمران عليه السلام علم أن الله تعالى عن أن يرى بالابصار، ولكنه لما كلمه الله عز وجل وقربه نجيا 1) رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز وجل كلمه وقربه وناجاه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت، وكان القوم سبعمائة ألف رجل، فاختار منهم سبعين ألفا، ثم اختار منهم سبعة آلاف ثم اختار منهم سبعمائة، ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه، فخرج بهم إلى طور سيناء، فأقامهم في سفح الجبل، وصعد
موسى عليه السلام إلى الطور وسأل الله تبارك وتعالى أن يكلمه ويسمعهم كلامه، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام، لان الله عز وجل أحدثه في الشجرة، ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه، فقالوا: لن نؤمن لك بأن هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا، بعث الله عز وجل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا، فقال موسى: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من
____________________
ليكلمه وينزل عليه التوراة. ويمكن أن يكون المراد بالميقات الزمان الذي وقته له أن يأتي ذلك المكان فيه، فإن لفظة الميقات كما يقع على الزمان يقع على المكان، كمواقيت الاحرام (وكلمه ربه) من غير سفير أو وحي، كما كان يكلم الأنبياء على ألسنة الملائكة، وقد أسمعه الكلام من الشجرة، فجعل الشجرة محلا للكلام.
1) أي: قربا سريعا كاملا.