قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: إن الله تبارك وتعالى نهى آدم وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة، وقد علم أنهما يأكلان منها، لكنه عز وجل شاء أن لا يحول بينهما وبين الاكل منها بالجبر والقدرة كما منعهما من الاكل منها بالنهي والزجر، فهذا معنى مشيته فيهما، ولو شاء عز وجل منعهما من الاكل بالجبر ثم أكلا منها لكانت مشيتهما قد غلبت مشيته كما قال العالم عليه السلام، تعالى الله عن العجز علوا كبيرا.
19 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله قال:
حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثني محمد بن جعفر البغدادي، عن سهل بن زياد، عن أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام، أنه قال: (إلهي تاهت أوهام المتوهمين وقصر طرف الطارفين، وتلاشت أوصاف الواصفين، واضمحلت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنك، أو الوقوع بالبلوغ إلى علوك فأنت في المكان الذي لا يتناهى ولم تقع عليك عيون بإشارة ولا عبارة هيهات ثم هيهات، يا أولي، يا وحداني، يا فرداني شمخت في العلو بعز الكبر، وارتفعت من وراء كل عورة ونهاية 1) بجبروت الفخر).
____________________
1) العورة النقص وسمات الامكان. وفي أكثر النسخ بالغين المعجمة من الغور وهو القعر من كل شئ، أي: ارتفعت عن إدراك ذاتك وصفاتك بالوصول إلى غور الأفكار ونهايتها بسبب جبروت الفخر.