لهذا القرين على وجه التقريع: ألست كنت تقول في الدنيا: إنا لا نموت إلا الموتة التي تكون في الدنيا ولا نعذب؟ فقد ظهر الامر بخلاف ذلك، وقيل: إن هذا من قول أهل الجنة بعضهم لبعض على وجه إظهار السرور بدوام نعيم الجنة، ولهذا عقبه بقوله:
" إن هذا لهو الفوز العظيم " معناه: أفما نحن بميتين في هذه الجنة إلا موتتنا التي كانت في الدنيا وما نحن بمعذبين كما وعدنا الله تعالى؟ ويريدون التحقيق لا الشك، قالوه سرورا وفرحا، كقوله:
أبطحاء مكة هذا الذي * أراه عيانا وهذا أنا؟
" لمثل هذا فليعمل العاملون " هذا من تمام الحكاية عن قول أهل الجنة، وقيل:
إن هذا من قول الله سبحانه.
وفي قوله تعالى: وإن للمتقين لحسن مآب " أي حسن مرجع ومنقلب يرجعون في الآخرة إلى ثواب الله ومرضاته، ثم فسر حسن المآب بقوله: " جنات عدن " فهي في موضع جر على البدل، (1) أي جنات إقامة وخلود " مفتحة لهم الأبواب " أي يجدرون أبوابها مفتوحة حين يردونها، ولا يحتاجون إلى الوقوف عند أبوابها حتى تفتح لهم، وقيل: أي لا يحتاجون إلى مفاتيح بل تنفتح بغير مفتاح وتنغلق بغير مغلاق، وقال الحسن يكلم يقال: انفتحي انغلقي، وقيل: معناه أنها معدة لهم غير ممنوعين منها، وإن لم تكن أبوابها مفتوحة لهم قبل مصيرهم، كما يقول الرجل لغيره: متى نشطت لزيارتي فالباب مفتوح، والدست مطروح " متكئين فيها " أي مسندين فيها إلى المساند جالسين جلسة الملوك " يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب " أي يحكمون في ثمارها وشرابها، فإذا قالوا لشئ منها: أقبل حصل عندهم " وعندهم قاصرات الطرف " أي أزواج قصرن طرفهن على أزواجهن، راضيات بهم، مالهن في غيرهم رغبة والقاصر:
نقيض الماد، يقال: فلان قاصر طرفه عن فلان وماد عينه إلى فلان " أتراب " أي أقران على سن واحد ليس فيهن عجائز ولا هرمة، وقيل: أمثال وأشباه، عن مجاهد، أي