وفي قوله سبحانه: " وأزلفت الجنة للمتقين " أي قربت الجنة وأدنيت للذين اتقوا الشرك والمعاصي حتى يروا ما فيها من النعيم " غير بعيد " أي هي قريبة منهم لا يلحقهم ضرر ولا مشقة في الوصول إليها، وقيل: معناه: ليس ببعيد مجئ ذلك فإن كل آت قريب " هذا ما توعدون " أي ما وعدتم به من الثواب على ألسنة الرسل " لكل أواب " أي تواب رجاع إلى الطاعة، وقيل: لكل مسبح، عن ابن عباس و عطاء " حفيظ " لما أمر الله به، متحفظ عن الخروج إلى مالا يجوز من سيئة تدنسه أو خطيئة تحط منه وتشينه " من خشي الرحمن بالغيب " أي من خاف الله وأطاعه وآمن بثوابه وعقابه ولم يره، وقيل: أي في الخلوة بحيث لا يراه أحد " وجاء بقلب منيب " أي داوم على ذلك حتى وافى الآخرة بقلب مقبل على طاعة الله راجع إلى الله بضمائره " ادخلوها بسلام " أي يقال لهم: ادخلوا الجنة بأمان من كل مكروه، وسلامة من كل آفة، وقيل: بسلام من الله وملائكته عليهم " ذلك يوم الخلود " الوقت الذي يبقون فيه في النعيم مؤبدين لا إلى غاية " لهم ما يشاؤن فيها " أي ما تشتهيه أنفسهم من أنواع النعم " ولدينا مزيد " أي وعندنا زيادة على ما يشاؤونه مما لم يخطر ببالهم ولم تبلغه أمانيهم، وقيل: هو الزيادة على مقدار استحقاقهم من الثواب بأعمالهم.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " وفي السماء رزقكم ": أي أسباب رزقكم أو تقديره، وقيل: المراد بالسماء: السحاب، وبالرزق: المطر، فإنه سبب الأقوات " وما توعدون " من الثواب، لان الجنة فوق السماء السابعة، أو لان الاعمال و ثوابها مكتوبة مقدرة في السماء، وقيل: إنه مستأنف، خبره: " فورب السماء والأرض إنه لحق ".
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله عز وجل: " فاكهين بما آتاهم ربهم " أي متنعمين بما أعطاهم ربهم من أنواع النعيم، وقيل: أي معجبين بما آتاهم ربهم " كلوا واشربوا " أي يقال لهم ذلك " هنيئا " أي مأمون العاقبة من التخمة والسقم " متكئين على سرر مصفوفة " المصفوفة: المصطفة الموصول بعضها ببعض، وقيل: إن في الكلام حذفا تقديره: متكئين على نمارق موضوعة على سرر، لكنه حذف لان اللفظ يدل عليه