وثانيها: أن قرارات العيون غير متناهية فلا يمكن العلم بتفاصيلها.
وثالثها: أنه جعل ذلك في مقابلة صلاة الليل وهي خفية فكذلك ما بإزائها من جزائها، ويؤيد ذلك ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ما من حسنة إلا ولها ثواب مبين في القرآن إلا صلاة الليل، فإن الله عز اسمه لم يبين ثوابها لعظم خطرها " فلا تعلم نفس " الآية. وقرة العين: رؤية ما تقر به العين، يقال: أقر الله عينك، أي صادف فؤادك ما يرضيك فتقر عينك حتى لا تطمح بالنظر إلى ما فوقه، وقيل: هي من القر أي البرد، لان المستبشر الضاحك يخرج من شؤون عينيه دمع بارد، والمحزون المهموم يخرج من عينيه دمع حار.
قوله تعالى: " نزلا بما كانوا يعملون " أي عطاء بما كانوا يعملون، وقيل: ينزلهم الله فيها نزلا كما ينزل الضيف، يعني أنهم في حكم الأضياف.
وفي قوله تعالى: " تحيتهم يوم يلقونه سلام " أي يحيي بعضهم بعضا يوم يلقون ثواب الله بأن يقولوا: السلامة لكم من جميع الآفات، ولقاء الله سبحانه معناه: لقاء ثوابه. وروي عن البراء بن عازب أنه قال: يوم يلقون ملك الموت لا يقبض روح مؤمن إلا سلم عليه. فعلى هذا يكون المعنى: تحية المؤمن من ملك الموت يوم يلقونه أن يسلم عليهم، وملك الموت مذكور في الملائكة " وأعد لهم أجرا كريما " أي ثوابا جزيلا.
وفي قوله تعالى: " فأولئك لهم جزاء الضعف " أي يضاعف الله حسناتهم فيجزي بالحسنة الواحدة عشرا إلى ما زاد، والضعف اسم الجنس يدل على القليل والكثير.
وفي قوله سبحانه: " وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " أخبر سبحانه عن حالهم أنهم إذا دخلوها يقولون: الحمد لله اعترافا منهم بنعمته، لا على وجه التكليف وشكرا له على أن أذهب الغم الذي كانوا عليه في دار الدنيا عنهم، وقيل: يعنون الحزن الذي أصابهم قبل دخول الجنة، لأنهم كانوا يخافون دخول النار إذا كانوا مستحقين لذلك، فإذا تفضل الله عليهم بإسقاط عقابهم وأدخلهم الجنة حمدوه على ذلك وشكروه " إن ربنا لغفور " لذنوب عباده " شكور " يقبل اليسير من محاسن أعمالهم، وقيل: إن شكره سبحانه هو مكافاته لهم على الشكر له والقيام بطاعته " الذي