متساويات في الحسن ومقدار الشباب، لا يكون لواحدة على صاحبتها فضل في ذلك، وقيل: أتراب على مقدار سن الأزواج كل واحدة منهن ترب زوجها ولا تكون أكبر منه، قال الفراء: الترب: اللدة، مأخوذ من اللعب بالتراب، ولا يقال: إلا في الإناث.
" هذا ما توعدون " أي ما يوعد به المتقون، أو يخاطبون فيقال لهم هذا القول " ليوم الحساب " أي ليوم الجزاء " إن هذا لرزقنا " اي عطاؤنا المتصل " ماله من نفاد " أي فناء وانقطاع لأنه على سبيل الدوام، عن قتادة، وقيل: إنه ليس لشئ في الجنة نفاد، ما اكل من ثمارها خلف مكانه مثله، وما اكل من حيوانها وطيرها عاد مكانه حيا، عن ابن عباس.
وفي قوله تعالى: " لهم غرف " أي قصور في الجنة " من فوقها غرف " قصور مبنية، وهذا في مقابلة قوله: " لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل " فإن في الجنة منازل رفيعة بعضها فوق بعض، وذلك أن النظر من الغرف إلى الخضر والمياه أشهى وألذ " وعد الله " أي وعدهم الله تلك الغرف والمنازل وعدا.
وفي قوله تعالى: " وقهم السيئات " أي عذاب السيئات، ويجوز أن يكون العذاب هو السيئات، وسماه السيئات اتساعا كما قال: " وجزاء سيئة سيئة مثلها ".
وفي قوله: " يرزقون فيها بغير حساب " أي زيادة على ما يستحقونه تفضلا منه تعالى، ولو كان على مقدار العمل فقط لكان بحساب، وقيل: معناه: لا تبعة عليهم فيما يعطون من الخير في الجنة.
وفي قوله تعالى: " ولكم فيها " أي في الآخرة " ما تشتهي أنفسكم " من الملاذ وتتمنونه من المنافع " ولكم فيها ما تدعون " إنه لكم فإنه سبحانه يحكم لكم بذلك، وقيل: إن المراد بقوله: " ما تشتهي أنفسكم " البقاء لأنهم كانوا يشتهون البقاء في الدنيا، أي لكم فيها ما كنتم تشتهونه من البقاء ولكم فيها ما كنتم تتمنونه من النعيم " نزلا من غفور رحيم " معناه أن هذا الموعود به مع جلالته في نفسه له جلالة بمعطيه إذ هو عطاء لكم ورزق مجرى عليكم ممن يغفر الذنوب ويستر العيوب رحمة منه لعباده فهو أهنأ لكم وأكمل لسروركم.