سبحانه وعد لهم الجزاء فسألوه الوفاء فوفى، وقيل: إن الملائكة سألوا الله ذلك لهم فأجيبوا إلى مسألتهم، وذلك قولهم: " ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم (1) " وقيل: إنهم سألوا الله تعالى في الدنيا الجنة بالدعاء فأجابهم في الآخرة إلى ما سألوا.
وفي وقوله تعالى: " أولئك يجزون الغرفة " أي يثابون الدرجة الرفيعة في الجنة " بما صبروا " على أمر ربهم وطاعة نبيهم، وقيل: هي غرف الزبرجد والدر والياقوت.
والغرفة في الأصل: بناء فوق بناء، وقيل: الغرفة اسم لاعلى منازل الجنة وأفضلها، كما أنها في الدنيا أعلى المساكن " ويلقون فيها تحية وسلاما " أي تتلقاهم الملائكة فيها بالتحية وهي كل قول يسر به الانسان وبالسلام بشارة لهم بعظيم الثواب، وقيل:
التحية الملك العظيم، والسلام جميع أنواع السلامة، وقيل: التحية: البقاء الدائم، وقال الكلبي: يحيي بعضهم بعضا بالسلام ويرسل إليهم الرب بالسلام.
وفي قوله تعالى: " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين " أي لا يعلم أحد ما خبي لهؤلاء الذين ذكروا مما تقر به أعينهم، قال ابن عباس: هذا مالا تفسير له فالامر أعظم وأجل مما يعرف تفسيره. وقد ورد في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله يقول أعددت لعبادي الصالحين، مالا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بله (1) ما أطلعتكم عليه، اقرؤوا إن شئتم: " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ". رواه البخاري ومسلم جميعا. وقد قيل في فائدة الاخفاء وجوه:
أحدها: أن الشئ إذا عظم خطره وجل قدره لا تستدرك صفاته على كنه الا بشرح طويل ومع ذلك فيكون إبهامه أبلغ.