مبعدون * لا يسمعون حسيسها " فهذا يدل على أن أهل الحسنى لا يدخلون النار، قالوا: فمعناه أنهم واردون حول جهنم للمحاسبة، ويدل عليه قوله: " ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا " ثم يدخل النار من هو أهلها، وقال بعضهم: إن معناه أنهم واردون عرصة القيامة التي تجمع كل بر وفاجر.
والآخر أن ورودها دخولها بدلالة قوله: " فأوردهم النار (1) " وقوله: " أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها " وهو قول ابن عباس وجابر وأكثر المفسرين ويدل عليه قوله: " ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا " ولم يقل: وندخل الظالمين، وإنما يقال: نذر ونترك للشئ الذي قد حصل في مكانه، ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم: إنه للمشركين خاصة، ويكون قوله: " وإن منكم " المراد به إن منهم " وروي في الشواذ عن ابن عباس أنه قرأ: " وإن منهم " وقال الأكثرون أنه خطاب لجميع المكلفين فلا يبقى مؤمن ولا فاجر إلا ويدخلها، فيكون بردا وسلاما على المؤمنين، وعذابا لازما للكافرين، قال السدي: سألت مرة الهمداني عن هذه الآية فحدثني أن عبد الله بن مسعود حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يرد الناس النار ثم يصدرون بأعمالهم، فأولهم كلمع البرق، ثم كمر الريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب، ثم كشد الرجل، ثم كمشيه وروى أبو صالح غالب بن سليمان، عن كثير بن زياد، عن أبي سمينة قال: اختلفنا في الورود، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن، وقال آخرون: يدخلونها جميعا ثم ينجى الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله فسألته فأومأ بإصبعه إلى اذنيه فقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الورود الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا يدخلها، تكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى أن للنار - أو قال لجهنم - ضجيجا من بردها ثم ينجى الذين اتقوا.
وروي مرفوعا عن يعلى بن منبه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يقول النار للمؤمنين يوم القيامة: جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي.