كل وجه، وقد دل الدليل على بطلان التحابط، ولان قوله: والذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (1) " فيه وعد لأهل التصديق والطاعة بالثواب الدائم، فكيف يجتمع الثواب الدائم مع العقاب الدائم؟ ويدل أيضا على أن المراد بالسيئة في الآية الشرك أن سيئة واحدة لا تحبط جميع الاعمال عند أكثر الخصوم، فلا يمكن إذا إجراء الآية على العموم، فيجب أن تحمل على أكبر السيئات وهو الشرك ليمكن الجمع بين الآيتين.
وفي قوله تعالى: " ولا هم ينظرون " أي لا يمهلون للاعتذار، وقيل: معناه: لا يؤخر العذاب عنهم بل عذابهم حاضر.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " ولو يرى الذين ظلموا ": أي ولو يعلم هؤلاء الذين ظلموا باتخاذ الأنداد " إذ يرون العذاب " إذ عاينوه يوم القيامة، و أجرى المستقبل مجرى الماضي لتحققه كقوله: " ونادى أصحاب الجنة (2) " " أن القوة لله جميعا " ساد مسد مفعولي يرى، وجواب (لو) محذوف أي لو يعلمون أن القدرة لله جميعا إذ عاينوا العذاب لندموا أشد الندم، وقيل: هو متعلق الجواب والمفعولان محذوفان، والتقدير: ولو يرى الذين ظلموا أندادهم لا تنفع لعلموا أن القوة لله كلها، لا ينفع ولا يضر غيره، وقرأ ابن عامر ونافع ويعقوب: (ولو ترى) على أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وآله أي لو ترى ذلك لرأيت أمرا عظيما، وابن عامر: (إذ يرون) على البناء للمفعول، ويعقوب: (إن) بالكسر، وكذا و " إن الله شديد العقاب " على الاستيناف أو إضمار القول " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا " بدل من إذ يرون، أي إذ تبرأ المتبوعون من الاتباع، وقرئ بالعكس أي تبرأ الاتباع من الرؤساء " ورأوا العذاب " أي رائين له، والواو للحال و قد مضمرة، وقيل: عطف على تبرأ " وتقطعت بهم الأسباب " يحتمل العطف على تبرأ أو رأوا والحال، والأول أظهر، والأسباب الوصل التي كانت بينهم من الاتباع والاتفاق على الدين والاغراض الداعية إلى ذلك، وأصل السبب الحبل الذي يرتقى به الشجر