قدمناه فيما سلف: " علي أقضاكم " و " هو مع الحق والحق معه " وفي قوله (ص):
" إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فلما عدل القوم عن اتباعه كانوا " ضلالا بذلك وكان هو - عليه السلام - المصيب وأهل بيته - عليهم السلام - وأنصاره وشيعته.
وما أعجب هذا المقال من النظام وهو في مذهبه هذا الذي نصره بتخطئة الصحابة، مبطل للاجماع راد على من احتج به واعتمده فكيف يشنع على الشيعة بانفراد أمير المؤمنين - عليه السلام - بالأحكام وهو ركن الأمة وعمادها وملجأها في الدين وإمامها، ثم يقول خالف جميع الأحياء من قضاته وفقهاء مصره، ولو أنصف واستحمى لجعل الخلاف للقضاة والفقهاء عليه وأضافه إليهم دونه وجعل قوله الحجة، إذ قول الإمام هو المعيار على قضاته ورعيته وليس قول الرعية معيارا عليه فقلب القصة تعجرفا.
وأما قوله: إنه - عليه السلام - قال لقضاته: اقضوا كما كنتم تقضون، فإنما قال لهم هذا القول في أول الأمر وعند فور الناس بالبيعة له، فكره - عليه السلام - أن يأمرهم بالقضاء بمذاهبه كلها المتضمنة لنقض أحكام من تقدمه والخلاف على جماعتهم، فينفرون عن نصرته ويتفرقون عن الجهاد معه ويشمأزون منه ويظنون أن ذلك مقدمة للبراءة ممن تقدمه فصدف عنه لتألفهم واستصلاحهم، فلما قتل الله أهل البصرة وفرق جمعهم وأباد أهل الشام وأفنى الخارجة بالنهروان، خمدت نار الفتنة ودرجهم في طول المدة على الخلاف شيئا بعد شئ ولو تمكن - عليه السلام - على الحد الذي يستطيع معه إظهار جميع الأحكام من غير أن يكون في ذلك عموم الفساد، لأظهر الأحكام المأثورة عن ذريته - عليهم السلام - مما حفظوها عنه عن الرسول (ص) فتلك هي الأحكام التي لم يتمكن من إمضائها مع ما حكم به مما ذكره إبراهيم من