القول منهما وطعنكم وجماعتكم على أمير المؤمنين - عليه السلام -، وذلك أن قوله:
" أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين " إنما قاله قبل كون القتال من هؤلاء المذكورين وهو متوجه إلى البصرة عند نكث طلحة والزبير بيعته، فجعل هذا القول حجته في قصدهما والمسير إليهما لأن قوما أشاروا بالكف عنهما فاعتمد في ترك رأيهم في ذلك على هذا القول وأضافه إلى النبي (ص) في أقوالي ضمها إليها، نقلها أهل السير جميعا، منها قوله - عليه السلام -: " أما والله لقد علم أصحاب محمد (ص) وهذه عائشة بنت أبي بكر فاسألوها أن أصحاب الجمل والمخدج اليد ملعونون على لسان النبي الأمي وها هذه هاهنا فاسألوها " وقال - عليه السلام -: " لا أجد إلا قتالهم أو الكفر بما أنزل على محمد (ص) " فكيف يكون هذا عن رأيه وهو يستشهد بأعدى الناس له ويواجه عائشة بلعنة أصحابها ويستشهدها على خبر ذي الثدية قبل كونه.
وهب أنه - عليه السلام - ذكر قتال أهل البصرة وقال فيه برأيه من أين علم بحال القاسطين والمارقين ولم يكن ظهر منهم شئ في الحال يستدل به بل المارقون كانوا خاصة أصحابه عند هذا المقال، وكيف عين ذا الثدية بالمقال وقطع عليه بالضلال وجعله رأسا للقوم وهو إذ ذاك من جملة أوليائه. فإن كان رجم بذلك فأصاب، لم ينكر أن يكون ما خبر به المسيح - عليه السلام - أصحابه من أفعالهم في المأكول والمشروب والمدخر كان ترجيما، وكذلك جميع ما خبرت به الأنبياء قبل كونه وإخبار النبي (ص) قبل مخبراتها، وهذا طعن في الدين وخروج من قول أهل الملل كافة، ولعمري إنه يليق بمذهب النظام، وإن كان ما خبر به عن النبي (ص) وكان إخباره به قبل كونه يدل على أنه لم يكن عن رأي ترجيم ولا تحديس وظن وتركين. فقد بطل