تفتتن بمحبة الرئاسة وعلو المنزلة، لكان النبي (ص) في تشبيهها بصويحبات يوسف قد وضع المثل في غير موضعه وشبه الشئ بضده وخلافه ورسول الله (ص) يجل عن هذه الصفة ولا يجوز عليه النقص ويرتفع عن الجهل بحقيقة الأمثلة.
وإذا كان الأمر على ما وصفناه ثبت أن التمثيل إنما وقع من النبي (ص) لموضع خلاف المرأة له وتقدمها بالأمر لأبيها عليه لفتنتها بمحبة الاستطالة والرغبة في حوز الفضيلة بذلك والرئاسة على ما قدمناه.
قال الشيخ أدام الله عزه: وقد قالوا أيضا في مبادرة النبي (ص) بالخروج إلى المسجد وصرف أبي بكر عن الصلاة إنما كان ذلك لأن المسلمين كانوا متعلقي القلوب برسول الله (ص) محزونين بتأخره عنهم فخشى - عليه السلام - أن يتأخر عنهم فيختلفوا ويرجف عليه منهم المرجفون، ولم يبادر إلى ما ذكرتموه من الانكار لصلاة أبي بكر بالناس.
فيقال لهم لو كان الأمر على ما وصفتموه لما نحى رسول الله بين أبا بكر عن المحراب، ولأمكنه الوصول إلى غرضه مع إتمام أبي بكر للصلاة بأن كان عليه وآله السلام يخرج إلى القوم عند فراغ أبي بكر من الصلاة فيشاهدونه على حال الاستقلال ويسرون بلقائه ويبطل ما يتخوفونه من أراجيفهم عليه، ولا يعزل الرجل عن صلاة قد أمره بإقامتها ليدل بذلك على أنه قد أحدث ما يوجب عزله أو يكشف عن حال مستحقة له كانت مستورة عن الأنام، لأجلها لم يصح أن يصلي بالناس أو يكون القول على ما قلناه من الله لم يكن عن أمره - عليه السلام - تلك الصلاة، أو كان عليه وآله السلام لما خرج صلى خلفه كما فعل على أصولكم مع عبد الرحمان لما أدركه وهو في الصلاة فلم يعزله عن المقام وصلى - عليه السلام - خلفه مع المؤتمين به من الناس.