فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين) * (1).
فأثبت الله جل اسمه المنام وجعل له تأويلا عرفه أولياؤه - عليهم السلام - وأثبتته الأنبياء ودانت به خلفاؤهم وأتباعهم من المؤمنين واعتمدوه في علم ما يكون وأجروه مجرى الخبر مع اليقظة وكالعيان له.
وقال سبحانه: * (ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) * (2) فنبأهما - عليه السلام - بتأويله وذلك على تحقيق منه لحكم المنام، وكان سؤالهما له مع جهلهما بنبوته دليلا على أن المنامات حق عندهم، والتأويل لأكثرها صحيح إذا وافق معناها، وقال عز اسمه: * (وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون * قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) * (3) ثم فسرها يوسف - عليه السلام - وكان الأمر كما قال.
وقال تعالى في قصة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام -: * (فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) * (4) فأثبتا - عليهما السلام - الرؤيا وأوجبا الحكم ولم يقل إسماعيل لأبيه - عليه السلام - يا أبت لا تسفك دمي برؤيا رأيتها فإن الرؤيا قد تكون من حديث النفس وأخلاط البدن وغلبة الطباع بعضها على بعض كما ذهبت إليه المعتزلة.