ذكرناه، دليل على صحة ما وصفناه.
قال الشيخ أدام الله عزه: وقد تعلق القوم في تأويل قول النبي (ص) " إنكن لصويحبات يوسف " بشئ يدل على جهلهم، فقالوا: إن لهذا القول من النبي (ص) سببا معروفا وهو أنه (ص) قال: قدموا أبا بكر، فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف فإن قام مقامك لم يملك العبرة فمر عمر أن يصلي بالناس. فقال النبي (ص) لها عند خلافها عليه: " إنكن لصويحبات يوسف ".
وقد كان اعترض علي بهذا الكلام شيخ من مشايخ أهل الحديث واعتمده.
فقلت له: أول ما في هذا الباب أنك قد اعترفت بخلاف عائشة للنبي (ص) وردها عليه أمره حتى أنكر عليها ذلك، وفي الاعتراف به شهادة منك عليها بالمعصية لله عز وعلا ولرسوله وهذا أعظم مما تنكرونه على الشيعة من شهادتهم عليها بالمعصية بعد النبي (ص) عند محاربتها لأمير المؤمنين - عليه السلام -.
والثاني أنه لا خلاف أن النبي (ص) كان من أحكم الحكماء وأفصح الفصحاء ولم يكن يشبه الشئ بخلافه ويمثله بضده وإنما كان يضع المثل في موضعه فلا يخرم مما مثله به في معناه شيئا، ونحن نعلم أن صويحبات يوسف إنما عصين الله وخالفنه بأن أرادت كل واحدة منهن من يوسف - عليه السلام - ما أرادته الأخرى وفتنت به كما فتنت به صاحبتها، وبذلك نطق القرآن قال الله جل وعلا: * (فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم * قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما أمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين) * (1).
فلو كانت عائشة دفعت الأمر عن أبيها ولم ترد شرف ذلك المقام له ولم