بالحمق ووكل الحرمان بالعقل» وقوله:
كم من أديب عالم فطن * مستكمل العقل مقل عديم وكم من جهول مكثر ماله * ذلك تقدير العزيز العليم ولعل سر ذلك أن الإكثار موجب للتكبر والخيلاء واحتقار الناس والجفاء والخشونة والقسوة والغفلة بسبب اشتغال المكثرين بأموالهم مع كثرة ما وجب عليهم من الحقوق التي قل من يؤديها، وبذلك يتعرضون لسخط الله وبعدهم عن رحمته فلذلك جعل الله عز وجل ازدياد الايمان الموجب لازدياد المحبة سببا لضيق معيشة المحبين لطفا وإكراما ليحفظهم عن المفاسد المذكورة.
فطب أيها العاقل اللبيب نفسك بما رضي الله لك من المعاش واكتف بالحلال عن الحرام وبما رزقك الله عما لم يعطك فإنه خير لك وكاف لسد جوعتك ولا تضيع عمرك في طلب ما زاد.
5 - وبإسناده قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لولا إلحاح المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها.
* الشرح:
قوله (لولا إلحاح المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها) لأن الله تعالى يحبهم ويحب تقربهم منه. والدنيا على تفاوت درجاتها مانعة من قربه فيمنعهم منها لئلا يشغل قلوبهم بها، ثم إنه يستجيب دعاءهم في طلب الزيادة لئلا تنكسر قلوبهم وقد يصرف قلوبهم عن الثقة بها ويميلها إلى الثقة به وذلك أيضا من توابع المحبة.
6 - عنه، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما اعطي عبد من الدنيا إلا اعتبارا وما زوي عنه إلا اختبارا.
* الشرح:
قوله (ما أعطي عبد من الدنيا إلا اعتبارا ولا زوي عنه إلا اختبارا) جعل الغني غنيا ليرى ما دونه فيشكر، وجعل الفقير فقيرا ليرى ما فوقه فيصبر، والكل ممتحن بامتحانات أخر ومختبر باختبارات أخفى وأظهر، وبالجملة كل ما في الدنيا فهو لاختبار العبد، وحقيقة الاختبار طلب الخبر ومعرفته لمن لا يكون عارفا به، ولما كان الله عز وجل عالما بمضمرات القلوب وخفيات الغيوب كان عالما بالمطيع والعاصي فليس نسبة الاختبار إليه بحقيقة بل مجاز باعتبار أن فعله ذلك مع عباده ليترتب عليه الجزاء مشابه بفعل المختبر منا مع صاحبه.
7 - عنه، عن نوح بن شعيب وأبي إسحاق الخفاف، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلا القوت، شرقوا إن شئتم أو غربوا لن ترزقوا إلا القوت.