رسول الله (صلى الله عليه وآله) للمعسر: أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: ولم؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك.
* الشرح:
قوله (فجلس إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)) أي مع رسول الله أو عنده (فجاء رجل معسر درن الثوب) درن بفتح الدال وكسر الراء صفة مشبهة من الدرن بفتحهما وهو الوسخ درن الثوب درنا من باب تعب فهو درن مثل وسخ وسخا فهو وسخ وزنا ومعنى.
(فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه) قال الشيخ: ضمير «فخذيه» يعود إلى الموسر، أي جمع الموسر ثيابه تحت فخذيه وضمها تحت فخذي نفسه لئلا يلاصق ثياب المعسر ويحتمل عوده إلى المعسر، و «من» على الأول إما بمعنى «في» أو زايدة على القول بجواز زيادتها في الإثبات، وعلى الثاني لابتداء الغاية، والعود إلى الموسر أولى كما يرشد إليه قوله (صلى الله عليه وآله) (فخفت أن يوسخ ثيابك) لأن ثيابه لو كانت تحت فخذي المعسر لأمكن أن يكون قبضها من تحت فخذيه خوفا من أن يوسخها في نفس الأمر فلا يكون هذا التقريع في مرتبة الكمال كما يكون التقريعان السابقان في مرتبته.
(فقال يا رسول الله إن لي قرينا يزين لي كل قبيح ويقبح لي كل حسن) أي إن لي شيطانا يغويني ويجعل في نظري القبيح حسنا والحسن قبيحا وهذا العمل الشنيع من جملة إغوائه، وفي النهاية ما من أحد إلا وكل به قرينه أي مصاحبه من الملائكة والشياطين فقرينه من الملائكة يأمره بالخير وقرينه من الشياطين يأمره بالشر، والمراد بالقرين هاهنا هو الثاني.
(قد جعلت له نصف مالي) مقابلا لكسرى قلبه وزجرا لنفسي عن مثل هذه الزلة (قال أخاف أن يدخلني ما دخلك) من الكبر والغرور والترفع على الناس واحتقارهم وغيرها من الأخلاق الذميمة اللازمة للمال، والغرض من الحديث بيان لما لزم المال من القبايح والمفاسد وإظهار أن اللائق بحال الفقراء رده للفرار من مفاسده.
12 - علي بن إبراهيم، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في مناجاة موسى (عليه السلام): يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته.
* الشرح:
قوله (إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين) الشعار: ما ولي الجسد من الثياب، والشعار: العلامة أيضا، والفقر من شعار الصالحين وصفاتهم مثل الأنبياء والأولياء، والغنى من شعار الظالمين والمتكبرين مثل الفراعنة وأشياعهم، والأمر بترحيبه إشارة إلى التلقي بقبوله والرضا به من