قتل (فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا فقال أسربوها) أي أرسلوها من أسربه إذا ارسله وبعثه وهكذا حال الفقراء (ونظر في الأخرى فإذا هي موقرة) بالأسباب والأحمال، والموقرة على صيغة الفاعل أو المفعول من باب الإفعال يقال أوقرت النخلة إذا كثر حملها فهي موقرة وأوقرت بالبناء للمفعول صار عليها حمل ثقيل (فقال احبسوها) إلى أن يخرج من عهدة ما عليه وهكذا حال الأغنياء.
2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن سعدان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): المصائب منح من الله والفقر مخزون عند الله.
* الشرح:
قوله (المصائب منح من الله) المنح: العطاء، منحته منحا من بابي نفع وضرب: أعطيته، والاسم المنحة بالكسر وهي في الأصل: الشاة التي يعطيها صاحبها رجلا ليشرب لبنها ثم يردها إذا انقطع اللبن ثم كثر استعماله حتى أطلق على كل عطاء، وفيه تنبيه على أنه ينبغي أن يفرح صاحب المصائب بها كما يفرج صاحب العطية بها حيث عد المصائب عطية لأن العطية ما ينتفع به والمصائب كذلك وإن كانت في المذاق مرة كما أن الدواء النافع للمريض عطية وإن كان في مذاقه مرا.
(والفقر مخزون عند الله) لخواصه وأوليائه يوصله إليهم تحفة لهم، ويحتمل أن يكون التقدير:
وجزاء الفقر مخزون، وفيه تنبيه على كمال منزلته ومنزلة أهله.
3 - وعنه رفعه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه، فمن ستره أعطاه الله مثل أجر الصائم القائم ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله، أما إنه ما قتله بسيف ولا رمح ولكنه قتله بما نكأ من قلبه.
* الشرح:
قوله (ولكنه قتله بما نكأ من قلبه) نكأت القرحة أنكؤها مهموز بفتحتين: قشرتها، ونكأت في العدو نكأ من باب نفع أيضا، وفي لغة: نكيت فيه أنكى من باب رمى، والاسم: النكاية بالكسر إذا قطعت وأثخنت.
4 - عنه عن محمد بن علي، عن داود الحذاء، عن محمد بن صغير، عن جده شعيب، عن مفضل قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته.
* الشرح:
قوله (كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته) نظيره قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «وكل الرزق