الأرض إلا صرفها عنهم إلى غيرهم ولا بلية إلا صرفها إليهم.
* الشرح:
قوله (ما ينزل من السماء تحفة إلى الأرض إلا صرفها عنهم... ولا بلية إلا صرفها إليهم) المراد بالتحفة التحفة الدنيوية التي يتم بها عيش الدنيا وزينتها وهي التي يفر منها الأولياء والصلحاء فرار الجبان من الأسد، وبالبلية البلية الدنيوية وهي التي يستقبلها الصلحاء والعرفاء الفحول ويتلقونها بالرحب والقبول علما بأنها أبواب لفضله وأسباب لعفوه وذرايع إلى جنانه ووسائل إلى رضوانه.
6 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن عبيد، عن الحسين بن علوان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال - وعنده سدير -: إن الله إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا وإنا وإياكم يا سدير لنصبح به ونمسي.
* الشرح:
قوله (غته بالبلاء غتا) أي عصره بسبب البلاء عصرا شديدا حتى يجد منه المشقة الشديدة كما يجدها من يغمس في الماء قهرا أو غمسه فيه غمسا متتابعا على أن يكون الباء بمعنى في، أو كده يقال غته بالأمر أي كده، والكد: «رنجانيدن وكوفتن» (وإنا وإياكم يا سدير لنصبح به ونمسي) لأنهم كانوا خائفين وجلين من الأعداء، والخوف منهم من أعظم البلاء.
7 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن الوليد بن علاء، عن حماد، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا وثجه بالبلاء ثجا، فإذا دعاه قال: لبيك عبدي لئن عجلت لك ما سألت إني على ذلك لقادر، ولئن ادخرت لك، فما ادخرت لك فهو خير لك.
* الشرح:
قوله (وثجه بالبلاء ثجا) أي أسال دم قلبه بالبلاء وهو كناية عن أخذه بالشدائد، تقول: ثججت الماء من باب قتل إذا صببته وأسلته، والثلج أيضا: إسالة دم الهدى.
(فإذا دعاه) أي لرفع البلاء أو لغيره من المطالب أيضا (قال لبيك عبدي لئن عجلت لك ما سألت) إن كانت في التعجيل مصلحة. (أني على ذلك لقادر ولئن ادخرت لك) إن لم تكن في التعجيل مصلحة (فما ادخرت لك) من أجر الدعاء سوى أجر الابتلاء، (خير لك) مما سألت لأنه ينفع في الآخرة وكل ما ينفع في الآخرة خير مما ينفع في الدنيا وما ينفع فيها داثرة زائلة، وفيه تعظيم لأمر الابتلاء وتفخيم لشأن الداعي والدعاء حيث يقول الله تعالى له: لبيك أي أقيم بخدمتك