قوله (شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه) لخفاء صوته الدال على لين طبعه، فإن الصوت الشديد دال على غلظته ولذلك يكون مذموما كما قال عز وجل (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) وفي بعض النسخ «من لا يعلو».
(ولا شحناؤه يديه) الشحناء العداوة والبغضاء يعني أنهما تحت يده وقدرته يدفعهما باللطف والرفق (ولا يمتدح بنا معلنا) امتداح «ستودن» من المدح وهو ثناء أحد بما فيه من الصفات الجميلة خلقية كانت أو اختيارية، والظاهر أن الباء في «بنا» للتعدية، ولعل وجه ذلك أن إعلان مدحهم مضر لهم وللمادح.
(ولا يجالس لنا عائبا) لئلا يماثله ولا يشاركه في الإثم والعقوبة وقد أمر الله تعالى بالإعراض عنه ونهى عن مجالسته بقوله (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) وقوله (قد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم اذا مثلهم) والآيات الأئمة (عليهم السلام) (ولا يخاصم لنا قاليا) أي مبغضا معاندا لأن مخاصمته لا تثمر إلا الضرر وزيادة العداوة والبغض (إن لقي مؤمنا أكرمه) لإيمانه، بأنحاء من الإكرام والإعظام.
(وإن لقي جاهلا هجره) لجهله وهوانه وللتحرز من أثر جهله، ويندرج في الجاهل العاصي والعالم الذي لا يعمل بعلمه بل الهجر عنه أولى لأن له قوة رأي يغلب بها على صاحبه بالحيل والتزوير (قلت جعلت فداك فكيف أصنع بهؤلاء المتشيعة) أي الذين يدعون التشيع وليس لهم معناه وعلاماته.
(قال فيهم التمييز وفيهم التبديل وفيهم التمحيص تأتى عليهم سنون تفنيهم وطاعون يقتلهم واختلاف يبددهم) ذكر (عليه السلام) أمورا توجب خروجهم من الفرقة الناجية أو هلاكهم بالأعمال والأخلاق الشنيعة في الدنيا والآخرة، أحدها التمييز بين الثابت الراسخ وغيره يقال مزته ميزا من باب باع بمعنى عزلته وفصلته من غيره، والثقيل مبالغة وذلك يكون في المشتبهات نحو (ليميز الله الخبيث من الطيب) وفي المختلطات نحو (وامتازوا اليوم أيها المجرمون) وتميز الشيء انفصاله من غيره، وثانيها: التبديل أي تبديل حالهم بحال أحسن أو تبديلهم بقوم آخرين لا يكونوا أمثالهم والله يعلم، وثالثها: التمحيص وهو الابتلاء والاختبار والتخليص، تقول: محصت الذهب بالنار إذا خلصته مما يشوبه، وبذلك التميز والاختبار يخرج خلق كثير، كما يدل عليه ما روي عن ابن أبي يعفور قال «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب، قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال نفر يسير، قلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير، قال: