لابد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ويستخرج في الغربال خلق كثير» (1)، ورابعها: السنون وهي الجدب والقحط قال الله تعالى (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) والواحد السنة وهي محذوفة اللام، وفيها لغتان أحدهما جعل اللام هاء والأصل سنهة وتجمع على سنهات مثل سجدة وسجدات وتصغر على سنيهة، وأرض سنهاء: أصابتها السنهة أي الجدب، والثانية جعلها واوا والأصل سنوة وتجمع على سنوات مثل شهوة وشهوات وتصغر على سنية. وأرض سنواء: أصابتها السنوة وتجمع في اللغتين كجمع المذكر السالم أيضا فيقال: سنون وسنين وتحذف النون للإضافة، وفي لغة تثبت الياء في الأحوال كلها وتجعل النون حرف إعراب تنون في التنكير ولا تحذف مع الإضافة كأنها من أصول الكلمة، وعلى هذه اللغة قوله (صلى الله عليه وآله): اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف. وخامسها: الطاعون وهو الموت من الوباء والجمع الطواعين وطعن الإنسان بالبناء للمفعول أصابه الطاعون فهو مطعون. وسادسها: اختلاف يبددهم أي اختلاف بينهم بالتدابر والتقاطع والتنازع أو غيرها يبددهم ويفرقهم تفريقا شديدا تقول بددت الشيء بدا من باب قتل إذا فرقته، والتثقيل مبالغة وتكثير.
(شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ولا يطمع طمع الغراب) الهرير صوت الكلب وهو دون النباح وهو مصدر هر يهر من باب ضرب وبه يشبه نظر الكماة بعضهم إلى بعض، ومنه ليلة الهرير وهي وقعة كانت بين علي (عليه السلام) ومعاوية بظاهر الكوفة، وفيه إشارة إلى أن الشيعة من كسر قوته الشهوية والغضبية فإن إفراط القوة الغضبية في رجل يجعله شبيها بالكلاب وإفراط القوة الشهوية يجعله شبيها بالغراب.
(ولا يسأل عدونا وإن مات جوعا) كأنه من باب المبالغة أو مع إمكان سؤال غير العدو، وإلا فالظاهر أن السؤال مطلقا عند ظن الموت من الجوع واجب، ثم المراد بالسؤال السؤال بلا عوض، وأما معه كالاقتراض فالظاهر أنه جائز.
(قلت جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء) لقلة وجود من اتصف بالصفات المذكورة.
(قال في أطراف الأرض) لأنهم يستوحشون من الناس لما رأوا منهم ما يوجب تنفر القلوب عنهم (أولئك الخفيض عيشهم) العيش «زندگانى» والخفض: الراحة، ووجه كون عيشهم خفيضا أنهم تركوا الدنيا ولم يحملوا على أنفسهم ثقل ملاذها ونزهوا قلوبهم عن لوث همومها وغمومها (المنتقلة ديارهم) لأنهم سايحون في الأرض وليس لهم مسكن معين لأن طلب الفيض المستعد