داره غصن منها لا يخطر على قلبه شهوة شيء إلا أتاه به ذلك ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منه، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما، ألا ففي هذا فارغبوا، إن المؤمن من نفسه في شغل والناس منه في راحة، إذا جن عليه الليل افترش وجهه وسجد لله عز وجل بمكارم بدنه يناجي الذي خلقه في فكاك رقبته، ألا [ف] - هكذا فكونوا.
* الشرح:
قوله (وقلة المراقبة - للنساء أو قال قلة المواتاة للنساء -) مراقبة «چيزى را چشم داشتن» ولعل المراد بها النظر إلى النساء الأجنبيات وأدبارهن، ويمكن أن يراد محافظة آرائهن من رقبته أرقبه من باب قتل إذا حفظته، والمواتاة: «موافقت كردن با كسى در كارى» تقول: واتيته على كذا مواتاة إذا وفقته وطاوعته، وأصل واتيته آتيته، وأهل اليمن يبدلون الهمزة واوا واشتهرت لغتهم على ألسنة الناس، ولعل المراد الحث على مخالفة آرائهن كما روي «شاوروهن وخالفوهن» (وبذل المعروف) أي الخير وهو الإحسان بالفضل من المال إلى الغير.
(وحسن الخلق وسعة الخلق واتباع العلم) لعل المراد بحسن الخلق حسن الهيئة وهو كون كل عضو على حد يليق به فإن ذلك دليل على استقامة المزاج ولين الطبع وصحة الأفعال غالبا إلا أنه ليس من صنع العبد وأنه يوجد في غير أهل الدين كما قال عز وجل في وصف المنافقين (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) ويمكن أن يراد به حسن الأعضاء الظاهرة بالأعمال الفاضلة فإنه من علامات أهل الدين. وبسعة الخلق تحققه بالنسبة إلى الناس كلهم من غير فرق بين القريب والبعيد والشريف والوضيع أو صفحه عن الزلات كلها صغارها وكبارها وباتباع العلم: تعلمه أو العمل به أو الأعم.
(ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منه) كان هذه الشجرة هي التي في رواية مسلم عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «إن في الجنة شجرة يسير راكب الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام» وفي أخرى: «يسير الراكب في ظلها مائة سنة» قال عياض ظلها كنفها وهو ما يستره أغصانها وقد يكون ظلها نعيمها وراحتها من قولهم عيش ظليل، واحتيج إلى تأويل الظل بما ذكر هربا عن الظل في العرف لأنه ما بقي حر الشمس في الجنة ولا برد وإنما نور يتلألأ. انتهى.
وقال المازري: المضمر بفتح الضاد وشد الميم ورواه بعضهم بكسر الميم الثانية: صفة للراكب المضمر فرسه.
31 - عنه، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو النخعي قال:
وحدثني الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن سليمان، عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سئل