شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ١٧٢
للمدعي وإبطال دعواه ولا يتمسك بحجته في إثبات مدعاه حتى يرى قاضيا بالحق قاطعا للنزاع، وهذا من كمال النفس ورزانة العقل، والتكلم في هذه الأمور قبل وجدان الحاكم العادل المميز بين الحق والباطل من آداب السفهاء وسنن الجهلاء.
(وكان لا يغفل عن إخوانه ولا يخص نفسه بشيء دونهم) هذا من كمال شفقته ورقة قلبه ولينة طبعه حيث أنه لا يغفل عن تفقد أحوال إخوانه المؤمنين في جميع الحالات ولا يخص نفسه دونهم بشيء من الخيرات بل يريد لهم ما يريد لنفسه. ويكره لهم ما يكره لنفسه. ووجه تخصيص كان هنا بالعطف خفي فليتأمل.
(كان ضعيفا مستضعفا) منشأ الأول كثرة الصيام والقيام بالصلاة وسائر العبادات والسهر وخشونة المطعم والملبس وهجر الملاذ والشهوات الدنيوية، حتى صار ضعيفا في بدنه. ومنشأ الثاني تواضعه للمؤمنين وعدم مجادلته وتغلبه عليهم حتى استضعفوه وعدوه ضعيفا وإن كان قويا في نفس الأمر كما أشار إليه بقوله:
(فإذا جاء الجد كان ليثا عاديا) الجد: الاجتهاد في الأمر والمراد به هنا المحاربة والمجاهدة، والسبع العادي الظالم الذي يفترس الناس. يعني إن كان وقت المجاهدة مع أعداء الدين فهو بمنزلة الأسد في الهيبة والقوة والصولة وهذا مقتبس من قوله تعالى في وصف أمير المؤمنين والأئمة من أولاده الطاهرين (عليهم السلام) (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) وقرئ «غاديا» بالغين المعجمة أيضا وانما وصف الأسد به لأن الأسد إذا غدى كان جايعا فصولته أشد (كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله حتى يرى اعتذارا) أي كان من عادته الحسنة أن لا يسرع بملامة أحد إذا قصر في حقه لإمكان أن يكون له عذر، وليس المقصود اللوم بعد الاعتذار نظيره قولك: لا أطلب رزقي حتى يأتيني، لأنك لم تقصد الطلب بعد إتيانه.
(كان يفعل ما يقول ويفعل ما لا يقول) أي كان يفعل كل ما يقول ويأمر به غيره ويفعل ما لا يقوله، وفيه مبالغة لكمال عنايته بالتقرب إلى الله تعالى، وتلميح إلى تشبثه بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون).
(كان إذا ابتزه أمر ان لا يدري أيها أفضل نظر إلى أقربهما إلى الهوى فخالفه) البز والابتزاز: القهر والغلبة وأخذ الشيء بجفاء وقهر، وإنما خالف ما تهواه النفس وتميل إليه وهو الأخف الأسهل لطلب الأثقل الأشق عليها.
(كان لا يشكو وجعا إلا عند من يرجو عنده البرء) وهو الله تعالى أو غيره أيضا، وذلك لقوة صبره وإحاطة علمه بأن الشكاية عند غيره شكاية من الله تعالى، وهذا ليس من دأب العارفين، وأما
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430