شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ١٤٧
كلهم خيرا منه وأنه شرهم في نفسه.
(عالم بعيبه شاغل بغمه لا يثق بغير ربه) أما علمه بعيبه فلرجوعه إلى نفسه وتفتيشه لأحوالها المذمومة وليس حاله كحال الجاهل الذي يحب نفسه فيغفل عن عيبه كما قيل: حبك للشيء يعمي ويصم. ولو قلع عن نفسه علاقة المحبة يرى عيبه كما يرى عيب غيره، وأما شغله بغمه فلعلمه بما يستقبله من المقامات الهائلة وصعاب الأمور وعدم علمه بما يفعل به فيه ويورث ذلك غمه بإصلاح مآله وشغله بتحسين حاله، وأما عدم وثوقه بغير ربه فلعلمه بأن كل شيء فقير لديه، محتاج إليه، متضرع بين يديه، وأن الوثوق بغيره في الأمر الحقير والخطير كالوثوق في الدلالة على الطريق بالأصم الأبكم الضرير، أو كالوثوق في قضاء الحوائج وكشف المضيق بالسائل المستعير أو لأنه لا يرى في الوجود إلا إياه فسد عنه طريق الوثوق بما سواه.
(قريب وحيد جريد) أي قريب بالخلق، وحيد منفرد عنهم، جريد خال عن الرذائل أو عن الميل إلى أخلاقهم وصنايعهم، وهذا من أعجب صفات العارف وكالجمع بين الضدين حيث إنه مع اتصافه بكونه مع الكثرة متصف بكونه مع الوحدة إلا أن الأول باعتبار كونه من العالم الجسماني، والثاني باعتبار كونه من العالم الروحاني فهو بالاعتبار الأول ظفر بالمخالطة وتحمل كلفتها في مكاسبته وبالاعتبار الثاني صفا فكرته في أمور دينه وآخرته وجرد نفسه عن الاتصاف بأخلاقهم بمداهنته. وفي بعض النسخ حزين بدل جريد.
(يحب في الله ويجاهد في الله ليتبع رضاه) أشار إلى أن حبه لاخوانه المؤمنين وقربات الحق في الله وجهاده بماله ونفسه في العلم والعمل وتهذيب نفسه في الله لمجرد أن يتبع رضاه ويطأ بساط قربه ويتشرف بإكرامه الذي لأوليائه، وأشار في السابق إلى أن حبه في الله مقرون بالفقه والعلم، على أن تكرير بعض الصفات في المواعظ قد يقصد للتأكيد والمبالغة في رعايته (ولا ينتقم لنفسه بنفسه ولا يوالي في سخط ربه) أي لا ينتقم من المتعدي لنفسه بنفسه بل يكله إلى ربه، أو يعفو ولا يوالي أحدا فيما فيه سخط ربه وعقوبته لما فيه من العلم والحلم والصبر والكرم، وفي قوله «لنفسه» إشارة إلى أنه ينتقم لربه لما فيه من القوة على القيام بالحق وهذا هو الخلق الحسن المحمود لأنه لو ترك القيام في حق الله تعالى كان فيه مهانة ولو انتقم لنفسه لم يكن فيه صبر وكان هذا الخلق بطشا فانتفى عنه الطرفان المذمومان وبقي الوسط، وخير الأمور أوسطها، وفي قوله «بنفسه» إشارة إلى أنه ينتقم له ربه عاجلا أو آجلا.
(مجالس لأهل الفقر مصادق لأهل الصدق) مجالسته لأهل الفقر الصابرين على الفقد والسمل، ومجالسته لأهل الصدق الكاملين في القول والعمل من دلائل عقله وكمال فضله حيث إنه مع
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430