وبالجملة مالك لزمام تلك القوة يصرفها فيما ينبغي ويمنعها عما لا ينبغي وإلى أنه رفيق إن طلب حقه من الغير فلا يعنف به ولا يشدد عليه أو إن طلب الغير منه حقه فلا يماطله ولا يماكسه، فطلب على الأول معلوم وعلى الثاني مجهول.
(لا يتهور ولا يتهتك ولا يتجبر) التهور: الوقوع في الأمر بقلة مبالاة يعني «بي باكانه كار كردن».
والتهتك خرق الستر يعني «پرده دريدن وپرده برادشتن». والتجبر: التكبر.
(خالص الود وثيق العهد وفي العقد) الود بالحركات الثلاث: الحب، والعهد: الموثق والذمة والأمانة التي منها الولاية، والعقد: الضمان والمقرر بالعقود مثل النذر وغيره، يعني: حبه للمؤمنين خالص لله غير مشوب بغرض آخر، وعهده في الولاية والأمانة وغيرهما محكم لا يعتريه النقص، وعقده مقرون بالوفاء لا يعترضه العذر.
(شفيق وصول حليم خمول) أي وصول بنفسه إلى المؤمنين غير معتزل عنهم أو وصول بنعمته إلى الأقربين وذوي القربى والمساكين. وحليم ذو أناة وتثبت في الأمور كما هو من شعار العقلاء ودثار الكرماء، وخمول ليس من أبناء الدنيا المشهورين بنعيمها.
(قليل الفضول راض عن الله عز وجل مخالف لهواه) أي ليس في فعله وقوله فضول كثيرة فربما يفعل قليلا من المباحات ويتقول بها لحسن المعاشرة وراض عن الله عز وجل بما أعطاه من قسمه ورزقه، ومخالف لهواه بقهره نفسه الأمارة وتطويعها بالحياء وحسن السياسة للنفس المطمئنة فنجي عن الهواء وخلص عن الردى ولم يتجاوز في المأكول والملبوس والمنكوح ونحوها عن الحدود الشرعية.
(لا يغلظ على من دونه ولا يخوض فيما لا يعنيه) غلظ الرجل: اشتد فهو غليظ، وفعله كضرب وكرم. وأغلظ له في القول إغلاظا: خشن عليه وعنفه، وغلظ عليه في اليمين تغليظا: شدد عليه.
والخوض: الدخول في الأمر، أي: لا يغلظ على من دونه في العلم والعمل والدنيا ولا يشدد عليه ولا يعنفه ولا يدخل فيما لا يعنيه إذ همته متعلقة بالآخرة والملأ الأعلى، وما لا يعنيه يضاد ذلك ويمنعه عن الوصول إلى مقصده; فلذلك يرفضه بالكلية.
(ناصر للدين محام عن المؤمنين كهف للمسلمين) أي ناصر للدين يروجه بين المؤمنين ويدفع عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وكيد الكائدين، ومحام عن المؤمنين يحفظهم عن شر المعاندين ويحرسهم عن ظلم الظالمين وجور الماكرين، وكهف للمسلمين لأنهم يلجأون إليه في المكاره والنوائب، وإطلاق الكهف عليه وهو بيت منقور في الجبل على سبيل الاستعارة