(ولا يقتفي أثرا ولا يحيف بشرا) أي لا يتبع أثرا لجهلة لأنهم في واد وهو في واد آخر أو نقل أخبارهم لأنه لغو. ولا يجور بشرا ولا يظلمهم لقيامه على العدل.
(رفيق بالخلق ساع في الأرض عون للضعيف غوث للملهوف) رفقه بالخلق من توابع سكون قوته الغضبية والشهوية ووقوفهما على العدل، وسعيه في الأرض لقضاء حوائج المؤمنين وعونه للضعيف وغوثه للملهوف الحزين في دفع الضر عنهما، وتحصيل النفع لهما من لوازم الكمال في قوته العقلية (لا يهتك سترا ولا يكشف سرا) أي لا يهتك ستر غيره وفيما مر ستر نفسه، والتأكيد محتمل ولا يكشف سر غيره أو سر نفسه أو الأعم لعلمه بأن كشفه ليس من صفات العقلاء وسمات الكرماء، وبأنه إذا لم يحفظ سره فغيره أولى بأن لا يحفظه.
(كثير البلوى قليل الشكوى) البلوى والبلية اسمان من «بلاه الله بخير أو شر» إذا اختبره وامتحنه بهما لأنهما شاقان على النفوس، يدل الرضا بهما والصبر عليهما وترك الشكاية، على الخلوص في مقام العبودية كما هو شأن الأنبياء والأوصياء ومن يقتفي أثرهم.
(إن رأى خيرا ذكره وإن عاين شرا ستره يستر العيب ويحفظ الغيب) لعلمه بأن ذكر خير الغير مطلقا وإن لم يصل إليه وستر شره وإن وصل إليه، وستر عيبه وحفظ غيبه، من صفات الكرام، وخلاف ذلك من نعوت اللئام.
(ويقيل العثرة ويغفر الزلة) وهما متقاربان ويمكن تخصيص الزلة بالمنطق، والعثرة بغيره من الأفعال أو تخصيص العثرة بنقض العهد والوعد، وحمل الزلة على غيره، والإقالة في الأصل: فسخ البيع تقول: قلته البيع وأقلته إذا فسخته. والمراد هنا التجاوز عن التقصير على سبيل التشبيه والاستعارة (لا يطلع على نصح فيذره ولا يدع جنح حيف فيصلحه) أي لا يترك النصح في موضع ينبغي النصح فيه ولا يدع الميل إلى الجور بل يصلحه كما هو شأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر (أمين رصين تقي نقي زكي رضي) أي أمين لا يضيع ما استحفظه الخلق والخالق من دينه وكتابه وحدوده. رصين لكونه محكما ثابتا في أمره ودينه. تقي بالفضائل. نقي عن الرذائل. زكي لكمال قوته العقلية بحيث يدرك المطالب العلية من المبادي الخفية بسهولة لكثرة مزاولتها. رضي عن الله بما قسم له أو مرضى عند الخالق والخلائق.
(يقبل العذر ويجمل الذكر) قبول عذر الإخوان وإن ضعف من صفات السمحاء وأرباب الايمان، وإجمال ذكرهم وتحسينه وتكثيره من سمات الصلحاء وأصحاب العرفان.
(ويحسن بالناس الظن ويتهم على الغيب نفسه) حسن الظن بالمؤمنين أمر مطلوب كما نطق به