القرآن الكريم، وإساءة الظن بهم من وسوسة الشيطان الرجيم، والأمر بالحزم منهم كما في بعض الروايات لا ينافيه لأن بناء الحزم على التجويز والإمكان والغيب على ما صرحوا به يطلق على ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) وعلى الايمان به وعلى الآخرة وثوابها وعقابها وعلى قبول الأعمال، واتهام النفس راجع إلى الخوف من تقصيرها وهو محرك لها إلى رعاية الحقوق على وجه الكمال وإلى رد ما تحكم به النفس باستعانة الوهم من حسن العقائد والأعمال وكونها مقبولة واقعة على الوجه المطلوب لله تعالى، وهذا الوهم مبدأ للعجب بالعبادة وعدم التقصير فيها وهو من المهلكات.
(يحب في الله بفقه وعلم ويقطع في الله بحزم وعزم) الفقه هو البصيرة القلبية كما صرح به كثير من أهل العرفان، والعلم هو معرفة الشرائع وبينهما عموم مطلق، والحزم ضبط الأمر والأخذ فيه بالثقة والإتقان، والعزم عقد الضمير على الفعل والاجتهاد والجد في الأمر، وفيه إشارة إلى أن حبه ووصله في الله، وبغضه وقطعه في الله لا في أمر آخر من الأغراض الدنيوية والهواجس النفسانية، وإلى أن ذلك لا يتحقق إلا في العالم البصير في طلب اليقين وفي الحازم العازم في أمر الدين (لا يخرق به فرح ولا يطيش به مرح) في المصباح: الفرح: يستعمل في معان: أحدها: الأشر والبطر، وعليه قوله تعالى: (ان الله لا يحب الفرحين) والثاني: الرضي، وعليه قوله تعالى: (كل حزب بما لديهم فرحون)، والثالث: السرور، وعليه قوله تعالى: (فرحين بما آتاهم الله من فضله) ويقال فرح بشجاعته وبنعمة الله وبمصيبة عدوه، فهذا الفرح لذة القلب بنيل ما يشتهي، والمرح مثل الفرح وزنا ومعنى، وقيل أشد من الفرح، وفي القاموس: الفرح: محركة السرور والبطر، والمرح: الأشر والبطر والاختيال والنشاط والتبختر. وفي كنز اللغة: فرح «شاد شدن وبافراط شادى نمودن» كما قال الله تعالى: (إن الله لا يحب الفرحين) ومرح «از حد در گذشتن بشادي».
(مذكر للعالم معلم للجاهل) يذكر العالم ويخرجه عن الغفلة. ويعلم الجاهل ويهديه إلى طريق الحق، وهو ما يصلح له من أمر المعاش والمعاد فهو لنورية ذاته وفعلية صفاته، يحتاج إليه الخلائق كلهم.
(لا يتوقع له بائقة ولا يخاف له غائلة) أي لا يتوقع ولا يخاف لأجل وجوده، وفي المصباح:
البائقة: النازلة وهي الداهية والشر الشديد، وباقت الداهية إذا نزلت والجمع: البوائق. والغائلة:
الفساد والشر، وغائلة العبد إباقه وفجوره ونحو ذلك، والجمع: الغوائل، وقال الكسائي: الغوائل:
الدواهي، والغول من السعالي والجمغ غيلان وأغوال وكل ما اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول.
(كل سعي أخلص عنده من سعيه وكل نفس أصلح عنده من نفسه) وهو تواضع لله واعتراف بالتقصير ودليل على تمام عقله، وقد مر في صدر الكتاب أنه لا يتم عقل امرئ حتى يرى الناس