من باب كرم.
(ولا يسبقه بصره ولا يفضحه بطنه ولا يغلبه فرجه ولا يحسد الناس) النفس الناطقة إذا غلبت على القوة الشهوية وأعطتها حظها وزجرتها عن غيره انقادت لها جميع الجوارح ولا تتجاوز عن القدر اللائق بها شرعا وعقلا فتمنع البصر والبطن والفرج والنفس الأمارة عما حرم الله على كل واحد منها.
(لا يرغب في عز الدنيا) لأن مبدأ الرغبة فيه محبة الدنيا وهو بمعزل عنها.
(للناس هم قد اقبلوا عليه وله هم قد شغله) هم الناس شغل الدنيا وهمه أمر الآخرة والنجاة من أهوالها والتوصل بما يوجب قرب الحق من الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة. والغرض الفرق بينه وبين أهل الدنيا إذ أهل الدنيا لا يرون لهم كمالا إلا هذه اللذات الحاضرة والمقتنيات الظاهرة (ويكيع عن الخنى والجهل) الخنى: الفحش والمراد بالجهل نفسه، أو آثاره والكيع والكيعوعة الجبن تقول كعت عنه أكيع وأكاع كيعا وكيعوعة إذا هبته وجبنت عنه.
5 - عنه، عن بعض أصحابنا، رفعه، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: مر أمير المؤمنين (عليه السلام) بمجلس من قريش، فإذا هو بقوم بيض ثيابهم، صافية ألوانهم، كثير ضحكهم يشيرون بأصابعهم إلى من يمر، ثم مر بمجلس للأوس والخزرج فإذا قوم بليت منهم الأبدان ودقت منهم الرقاب واصفرت منهم الألوان وقد تواضعوا بالكلام، فتعجب علي (عليه السلام) من ذلك ودخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال بأبي أنت وأمي إني مررت بمجلس لآل فلان ثم وصفهم ومررت بمجلس للأوس والخزرج فوصفهم، ثم قال: وجميع مؤمنون فأخبرني يا رسول الله بصفة المؤمن؟ فنكس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم رفع رأسه فقال: عشرون خصلة في المؤمن فإن لم تكن فيه لم يكمل إيمانه، إن من أخلاق المؤمنين يا علي الحاضرون الصلاة والمسارعون إلى الزكاة والمطعمون المسكين، الماسحون رأس اليتيم، المطهرون أطمارهم، المتزرون على أوساطهم، الذين إن حدثوا لم يكذبوا وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا وإذا تكلموا صدقوا، رهبان بالليل، أسد بالنهار، صائمون النهار، قائمون الليل، لا يؤذون جارا ولا يتأذى بهم جار، الذين مشيهم على الأرض هون وخطاهم إلى بيوت الأرامل وعلى أثر الجنائز، جعلنا الله وإياكم من المتقين.
* الشرح:
قوله (فإن لم تكن فيه لم يكمل إيمانه) دل على أن الايمان نفس التصديق وأن الخصال والأعمال توجب كماله. (الحاضرون الصلاة) لعل المراد حضور صلاة الجماعة مع احتمال أن يراد محافظة أوقات الصلاة مطلقا.